يعرف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ماذا يريد جيدا، وقد تعلم من اخطائه السابقة، كما يقول ويردد .لم يعد يريد، اقله في المدى المنظور، ان يكون رأس حربة في اي معركة سياسية داخلية ولا حتى خارجية.
يعمل جنبلاط على مهادنة الجميع، من دون ان يفقد هامش المناورة السياسية والاعلامية، فهو يصر على ان يحافظ على خطابه الاعلامي ضمن سقف معين من الثوابت السياسية، فهو مثلا لم يهادن حتى اللحظة النظام في سوريا بالرغم من رغبته في المصالحة معه ربما.
في ذهن جنبلاط اولويتان، منع الفتنة السنية-الشيعية، لانه يعتبر ان هكذا فتنة قد تؤدي الى خسائر جانبية سيكون الحضور السياسي للدروز احداها، ولان مثل هكذا فتنة ستعني ان الفوضى الكاملة وقعت ولا يمكن ضبطها بسهولة.
اما الاولوية الثانية فهي الحفاظ على الاستقرار المعيشي في الجبل، من هنا لهو يصر على تقديم المساعدات الدائمة من قبل الحزب الاشتراكي لاهل الجبل، وقد بدأ بهذه الخطوة باكرا وتقدم فيها على الاحزاب الاخرى. كما سعى لما يشبه التكافل الاجتماعي اضافة الى السعي الدائم نحو التسويات السياسية الداخلية التي تخفف من حدة الانهيار ، مثل تشكيل الحكومة.
في السياسة توقف جنبلاط عن فتح اي اشتباك لا بل تنازل بشكل كبير عما يعتبره حقوقا خلال تشكيل الحكومة، كما تقارب مع رئيس الجمهورية ميشال عون ومن ثم مع”التيار الوطني الحر” في اطار تنظيم الخلاف مع “حزب الله” وقوى الثامن من اذار في لبنان.
تقول مصادر مطلعة ان جنبلاط يقرأ التحولات جيدا، لكنه ليس في وارد اعادة التموضع السياسية من دون اي ثمن، من هنا فهو خرج من اي اشتباك سياسي حاد وابتعد عن اصطفافه السابق ، وجنح نحو الوسط ، لكنه يدرك جيدا ان الفريق الاخر يحتاج اليه، وبالتالي فإن التقارب معه لا يجب ان يكون مجانيا.
يدرك جنبلاط ان “حزب الله” يريد الاكثرية في الانتخابات المقبلة، ويدرك ايضا انها لم تعد مضمونة وبالتالي فإن انتقال جنبلاط بالكامل الى التحالف مع التيار الوطني الحر والحزب سيحسم النتيجة بالكامل، وسيعيد تشكيل الواقع السياسي في لبنان، لكن هذا الامر لن يكون مجانيا، بل يجب ان يرتبط بشكل او بآخر بثمن سياسي لم يبحث بعد.