عكست مواقف حزب الله التصعيدية الرغبة بالذهاب صوب مواجهة شاملة وتثبيت نفوذه المطلق على لبنان وهي تتجاوز أهداف الحفاظ على الأكثرية في مجلس النواب او الكلمة الفصل في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، لتصل الى حد التخلي عن التوازنات الدقيقة التي تحكم المعادلة الداخلية اللبنانية.
لم تكن المباغتة بإطلاق كتلة الوفاء للمقاومة صلية تصريحات منفصلة عن الإطار العام الذي حدده الأمين العام للحزب حسن نصرالله عند إعلانه كسر الحصار واستقدام الوقود الايراني إلى لبنان بشكل لا يخلو من التحدي العقوبات الاميركية ، بل يمكن اعتبارها استكمالا في التصويب على الدور الأميركي بل والمجاهرة بمحاربته بشكل واسع النطاق.وليس من قبيل الصدفة ايضا، كما يقول مراقبون سياسيون، استعجال إيران في ترسيخ محور إقليمي تابع لسياستها عبر استغلال القرار الأميركي بالانسحاب عسكريا من أفغانستان والعراق وسوريا بشكل غير مرتبط بالمفاوضات الدائرة حول الملف النووي الايراني. في التقديرات الديبلوماسية ان طهران تسعى إلى تجنب إدراج اذرعها التابعة للحرس الثوري في بنود التفاوض مع الإدارة الأميركية بل وفرض امر واقع يتجسد بوجود “جيوش” لها بالانابة في ارجاء العالم العربي عند تخوم شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
اما عن “النفوذ الأميركي” المزعوم فيشكك أصحاب الشأن مقاربته في لبنان على غرار سوريا والعراق نظرا لعدم وجود حضور عسكري مباشر بقدر ما يرتبط الحضور الاميركي بنفوذ سياسي قائم على توازنات في البعد المحلي فرضها الانسحاب السوري العام 2005 والانقسام العمودي داخل السلطة بين فريقي 8 و 14 آذار ، فبالتالي ليس بالضرورة ان يصب اختلال التوازن الداخلي لصالح “هزيمة أميركية نكراء مقابل انتصار إيراني تاريخي”، كما يحلم البعض.من البديهي القول بأن قوة حزب الله و دوره الإقليمي الذي يتجاوز البعد اللبناني ترافق مع انهيار الحكم البناني وصيغته السياسية المعهودة ما يضع مصير الكيان اللبناني بمجمله على بساط البحث بما في ذلك تقدم طروحات المثالثة او الفيدرالية المغلفة بشعارات من نوع إقرار لامركزية موسعة وعقد اجتماعي جديد.