” الحَرَد ممنوع والعتب مرفوع” بين الدولة اللبنانية ممثلةً بوزارة الطاقة والمياه وباخرتي إنتاج الكهرباء التركيتين “أورهان بيه”و”فاطمة غول”، فالأولى رفعت المرساة وغادرت موقعها في الحوض الملاصق لمعمل الجية الحراري بعد أن سحبها “الطراد القاطر” الذي سيعود لاحقاً لسحب الثانية من موقعها قرب معمل الزوق منتصف الأسبوع المقبل، وذلك بعد انتهاء العقود الممددّة مع لبنان على مدى تسع سنوات، وبعد تعاقد بدأ في العام ٢٠١٢ وقيل حينها أنه موقت لإنتاج الكهرباء، “عا أساس كم شهر”، بانتظار المباشرة في إنشاء معامل كهرباء جديدة، كما وعد وزير الطاقة يومها جبران باسيل.
إنتهاء عقد التشغيل ورفع الباخرتين لمحركاتهما العائمة إستعداداً لرحلة العودة الى تركيا لا يعني على الإطلاق أن الأمور ” عال العال” بين الجانبين و”يا بحر ما دَخَلتك باخرة”، فللشركة التركية كارادينيز مالكة الباخرتين مستحقات مالية بقيمة ٢٠٠ مليون دولار تطالب بها الدولة اللبنانية، وقد تلجأ الى التحكيم الدولي لتحصيلها.
في المقابل،هناك بند جزائي مترتّب عن هذا العقد بقيمة ٢٥ مليون دولار لصالح خزينة الدولة كان قد أشار اليه النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم عندما فتح تحقيقاً بجرائم قبض رشى وتبييض أموال، كما حَجزَ على الباخرتين لضمان دفع الشركة التركية قيمة البند الجزائي.
ملف التحقيق القضائي لم ينتهِ والقضية لم تُقفل، وقاضي التحقيق في بيروت روني شحادة الذي أُحيل عليه الملف لم يُصدر قراره الظني بعد، وبالتالي لم يُتخذ أي قرار حيال مستحقات الشركة للبنان وبالعكس، علماً أن ما بين الطرفين هو عقد إداري دولي لتسيير مرفق عام تنطبق عليه معايير دولية واضحة و محدّدة.
في مطلق الأحوال، ما يمكن الجزم به هو أن أي مواجهة قضائية مع الشركة التركية في دعوى تحكيم سيخسرها لبنان حُكماً، تماماً كما خسر اللبنانيون وعد الكهرباء ٢٤/٢٤، وبات واقع حالهم اليوم ٢/٢٤ ساعة تغذية.
فاطمة غول وأورهان بيه فُصلتا عن شبكة الكهرباء، وهما ترحلان بصمت على وقع الأغنية الفولكلورية الشهيرة ” بَرمتْ اسطنبول عليكي وجبل لبنان…..”.