وزير العمل يرمي الكرة في ملعب النقابات.. ومبدأ المعاملة بالمثل على الطاولة

17 ديسمبر 2021
وزير العمل يرمي الكرة في ملعب النقابات.. ومبدأ المعاملة بالمثل على الطاولة

كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار” أقام القرار الأخير لوزارة العمل المتعلّق بالمهن الواجب حصرها باللبنانيين الدنيا ولم يقعدها. صحيح أزال مهناً كالطب والهندسة والمحاماة والصيدلة وغيرها من المهن المحصورة باللبنانيين، لكنه ربط الموافقة على مزاولتها بإذن من النقابات التي ترعى هذه المهن!

«… مع التقيّد بالشروط الخاصة بالمهن المنظَّمة بالقانون». بهذه العبارة، خُتمت المادة الثانية من قرار وزير العمل مصطفى بيرم (القرار 96/1 الصادر في 25 تشرين الثاني الماضي) المتعلّق بالمهن الواجب حصرها باللبنانيين، والتي نصّت على استثناء كل من الفلسطينيين ومكتومي القيد وأبناء وأزواج اللبنانيات من لائحة تلك المهن، والسماح لهم تالياً بمزاولتها، خلافاً لبقية الأجانب. وبموجبها، يكون القرار الذي رأى فيه كثيرون «خرقاً» لمسار «حماية» اليد العاملة اللبنانية (من العمالة الفلسطينية تحديداً) وتمهيداً لـ«التوطين»، قد «أقصى» العاملين في مهن كالطب والهندسة والمحاماة والصيدلة والتمريض والعلاج الفيزيائي وغيرها من المهن المنظّمة عن الاستثناء. وعليه، قد تبقى ممارسة هذا النوع من المهن محظورة على هذه الفئات التي استبشرت في القرار خيراً ما لم تتخذ نقاباتها قراراً بـ«الامتثال» لقرار الوزير. كيف؟
يرى مسؤول البرامج الوطنية في المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية جاد ياسين، أن التحدّي الأكبر الذي قد يحول دون تطبيق القرار يتمثّل بمبدأ المعاملة بالمثل الذي تفرضه القوانين لممارسة بعض الأعمال كالطب والهندسة، «وصحيح أن الفلسطينيين المولودين في لبنان تم إعفاؤهم من مبدأ المعاملة بالمثل في ما خصّ الاستحصال على رخصة عمل، إلّا أن هذا الإعفاء لا يمتدّ الى المهن المنظّمة عبر قانون كالتي سبق ذكرها (أي الطب والهندسة والمحاماة)، وبالتالي تبقى هذه المهن محظورة عليهم». وهذا ينطبق أيضاً على مكتومي القيد، «لأن المعاملة بالمثل غير ممكنة فعلياً بما أن هذه الفئة لا تنتمي إلى أي دولة قانوناً».وهذا ما يؤكده المُستشار القانوني لوزير العمل الدكتور عصام إسماعيل لجهة أن قرار ممارسة العامل الفلسطيني (وغيره من العمال المشمولين بالاستثناء) لتلك المهن متوقّف على إجازة الجهات المعنية بهذه المهن له بممارستها، «فالمهن المحصور ممارستها بالانتساب إلى نقابة تبقى خاضعة لقوانينها الخاصة ولا تخضع لرقابة وزارة العمل ولا لحمايتها، ولا يمكن تبعاً لذلك أن ترخص الوزارة لأي جهة بممارسة مهنة من دون ترخيص مسبق من الجهة المنوط بها صلاحية الترخيص». ويرمي ذلك الكرة في ملعب النقابات والجهات الوصيّة عليها لكي تقرر بنفسها إذا ما أرادت «الامتثال» للقرار أو لا. ففي مهنة التمريض، مثلاً، يشير إسماعيل إلى أن «وزارة الصحة أجازت، بعد مشاورات مع نقابة التمريض، للممرضين والممرضات الفلسطينيين ممارسة المهنة بسبب النقص في اليد العاملة اللبنانية (…) وعندما تسمح نقابة المحامين مثلاً للمحامين الفلسطينيين بممارسة المهنة يمكنهم ذلك».
مصادر معنية بالشأن العمالي رأت في هذه «الليونة» التي تجيزها وزارة العمل، باباً لـ«اجتهاد» المسؤولين في النقابات أو من يملكون نفوذاً فيها لترجمة مواقفهم السياسية واتخاذهم القرارات على أساسها، «فمن يُحدّد مثلاً إذا ما كانت انتفاضة نقيب الأطباء في بيروت شرف أبو شرف ضد القرار ناجمة عن حرصه على المادة الخامسة من قانون تنظيم ممارسة الطب التي تفرض مبدأ المعاملة بالمثل، أم أنها تأتي انسجاماً مع موقف التيار السياسي المحسوب عليه؟». وتُضيف المصادر: «وهنا، بالذات، يصبح هذا التساؤل مشروعاً في ظلّ الهجرة المتزايدة للعاملين في القطاع الطبي وتضاعف الحاجة للأطباء. فهل تُغَلَّب مصلحة القطاع الطبي على الحسابات السياسية؟».