بين التعطيل والتسهيل… ماذا يريدُ “حزب الله”؟

9 يناير 2022
بين التعطيل والتسهيل… ماذا يريدُ “حزب الله”؟

قبل أيامٍ قليلة، كان من الممكن أن يدخلَ لبنان في مسار أزمة جديدة مع دول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، وذلك بسبب موقف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من المملكة وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

 
كما هو معلوم، فإنّ التصريحات التي أطلقها نصرالله في ذكرى اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سُليماني كادت كفيلة بإشعال توتّر بين لبنان والرياض، إلا أن الأخيرة سارت باتجاهٍ مُعاكس، وتعاطت مع الموضوع من باب إبعاد العلاقة مع بيروت عن أي اهتزاز بسبب تصريحات وصفها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري بـ”العبثية وغير المسؤولة”.في الواقع، فإنّ ما يتبين هو أن السعودية لم تحمّل لبنان الرّسمي تصريحات نصرالله كما تصوّر بعض الجهات التي تزعم أن المملكة تنتظرُ لبنان “لمحاسبته” عند كلّ تصريح. فعند الجميع، فإنّ كل ما يصدر عن أمين عام “حزب الله” إنّما يمثله لنفسه ولا يمثل الدولة اللبنانية، في حين أنّ الاعتراض الذي برز من الداخل اللبناني على كلام نصرالله كان كفيلاً بوضع حدّ لأي أزمة جديدة كادت أن تبرزَ بين لحظة وأخرى.
 
مسارٌ وتناقضات
 
 ترى الأطراف المناوئة لـ”حزب الله” أنّ المسار الذي يسيرُ عليه الأخير بات يتناقضُ مع الشعارات التي يُطلقها لناحية حرصه على مصلحة لبنان، والمساهمة في تذليل العقبات أمام مختلف الملفات. فبشكل تام، يُدرك الحزب أن مصلحة لبنان لا تكون إلا في وجوده ضمن المحور العربي، في حين أن الهجوم يتواصل على ذلك المحور، الأمر الذي يعرّض مصلحة لبنان للخطر.
 
كذلك، يُعتبر قرار الحزب بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء أمراً يؤخّر كل الحلول المطلوبة في الداخل، سواء على الصعيدين السياسي والمالي. وعليه، فإنّ ارتدادات المقاطعة المستمرة ستنعكس سلباً على كافة الملفات المفصليّة، وبالتالي تأخير الإجراءات التي يمكن أن تلجم الانهيار مثل اتفاق “ضروري وعاجلٍ” مع صندوق النقد الدّولي.
 
حتى الآن، فإنّ “حزب الله” لم يحسم قراره بإمكانية المشاركة في جلسة حكومية مخصصة لمناقشة الموازنة التي تأتي قبل انطلاق جولة جديدة من التفاوض بين الحكومة اللبنانية و”النقد الدولي” في منتصف شهر كانون الثاني الجاري. وفي الواقع، فإن عدم مناقشة الموازنة باستفاضة وإقرارها سيساهم في تأخيرها، مع العلم أن وجودها يعتبرُ ضرورياً خلال المفاوضات، في حين أن عدم انجازها واقرارها يعتبرُ بمثابة خطيئة جديدة تُرتكب من قبل الدولة اللبنانية في تعاطيها مع المجتمع الدولي.
 
ومن باب الحرص على الحلول، يُفترض على “حزب الله” الموافقة على حضور جلسة الحكومة للبحث في الموازنة بنداً بنداً من أجل أن تكون واقعية ومتلائمة مع خطة ماليّة واقتصادية واضحة المعالم. كذلك، فإنه من أجل تطبيق مسار التعافي، يجب بشكل عاجل الوصول إلى موازنة “مُتوازنة” البنود وتشمل كافة الأطر التي تشمل الاصلاحات التي يريدها المجتمع الدولي. وعليه، فإن عدم دخول الموازنة إلى طاولة مجلس الوزراء يعني أن الحلول ستؤجل والإصلاحات قد تتأخر والمفاوضات مع صندوق النقد ستتأثر سلباً، وهذا ما لا يريدُه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يشدّد على وجوب عقد جلسة الموازنة بمعزل عن الملفات الخلافية.
 
في المقابل، فإنّ الظروف الضاغطة التي تستوجب حلاً مع صندوق النقد، تنعكس بشكل كبير على جزء واسع من أبناء الطائفة الشيعية. وبشكل فعلي، فإنّ المسؤولية اليوم بالحل تقع على عاتق “حزب الله” الذي من المفترض أن يؤدي مضمون شعاراته الداعية للتسهيل، وذلك من أجل الوصول إلى برّ الأمان عبر حلولٍ تكون منطقية وسريعة للجم الانهيار المتفاقم.
 
أمام هذه الأمور إذاً يقف “حزب الله”، والخيارات المتاحة تنحصر في إثنين: إما التعطيل وإما التسهيل. إضافة إلى ذلك، بات من الضروري أن يعزز الحزب “حضوره اللبناني”لأن هذا الأمر يعتبرُ أساسياً على طاولة أي مفاوضات ستُجرى لاحقاً وتحديداً بعد الانتخابات النيابية التي ستكشف عن أحجام كل الأطراف السياسيّة شعبياً وسياسياً.
 

المصدر:
خاص لبنان 24