مع اقتراب الانتخابات.. هذه هي أولويات جنبلاط

16 يناير 2022
مع اقتراب الانتخابات.. هذه هي أولويات جنبلاط

من راقبَ وعايَن مواقف النائب السابق وليد جنبلاط خلال الفترة الأخيرة، يستنتج ثبوت أمرين أساسيين: الأوّل “مُهادنة غيرُ مستقرّة” مع رئيس الجمهورية ميشال عون حتى وإن لم يلبّ دعوة الأخير إلى الحوار الوطنيّ. أما الأمر الثاني فيتحدّد في إيلاء ملفات عديدة أهمية قصوى على حسابِ ملفات أخرى.

 
حتماً، يُدرك جنبلاط تماماً أن هناك أولويات تطغى على “صراع المواقف” مع العهد، حتى أنّ “الخطاب الحاد” باتجاه “حزب الله” تراجع قليلاً لاسيما بعد “انكسار الجليد” بين لبنان والمملكة العربية السعودية إبان الأزمة الدبلوماسية التي عصفت بالعلاقات الثنائية.
 
بالنسبة لزعيم الحزب “التقدمي الإشتراكي”، فإنّ المرحلة اليوم تقتضي هدوءاً واتزاناً لمعرفة كيفية خوض الانتخابات المقبلة بذكاء وحنكة. ولهذا السبب، بدأ “الإشتراكي” يتحضرُ للانتخابات من موقعٍ المدافع عن وجوده السياسي أولاً، ولتحصين جبهته الداخلية ثانياً.
 
على هذا الأساس، رأى جنبلاط أن مسار الهدوء يجب أن يكون حاضراً حالياً باعتبار أن المعركة الانتخابية تحتاجُ إلى أرضية صلبة تُخاض عليها “حرب إثبات الوجود”.
 
ما هي أولويات جنبلاط لهذه المرحلة؟
 
وسط كل ذلك، تبرزُ أولويات أساسية بالنسبة لـ”زعيم المختارة”، وهي تتحدّد بناء للواقع المُعاش. وعلى هذا الأساس، تقول مصادر سياسية في “الإشتراكي” لـ”لبنان24″ إنّ “جنبلاط يرى اليوم أن الأولوية قبل كل شيء هي الذهاب نحو حلول مالية واقتصادية مبنية على أساس التفاهم مع صندوق النقد الدولي، وذلك لتحديد مسار جديد للبلاد”.
 
من وجهة نظر “الإشتراكي”، فإنّ “الشعارات التي تُطلق ضدّ أي حلّ مع صندوق النقد، إنّما تصبُ في إطار تعطيل انتشال البلاد من الهاوية التي سقط فيها”.
 
مع هذا، فإنّ جنبلاط لا يؤيّد أي تمييع للحلول، بل بات يطالب أكثر من أي وقتٍ مضى بتفعيل عمل الحكومة مجدداً خصوصاً بعد الانفراجة التي برزت بإعلان الثنائي الشيعي عودته للمشاركة في جلسات مجلس الوزراء، أمس السبت. وبحسب اعتبارات جنبلاط، فإنه عبر الحكومة تُرسم خطوط الحل، ومعها يكون الاتفاق مع الجهات الدولية المانحة قد سلك طريقه نحو الأمام.
 
ومما لا شكّ فيه هو أن جنبلاط يُدركُ تماماً عواقب “اللعب بالنار” في ظل الظروف الحالية. وفعلياً، فإن القرارات التي اتخذت لكسر محاولات إغراق الشارع في الفتنة، كانت كفيلةً بلجمِ أي تمادٍ يعرض الأمن للخطر. ولذلك، يؤكد جنبلاط باستمرار أمام المقربين منه وأمام زواره على أولوية الأمن وضمان بقاء المؤسسات العسكرية متماسكة لأن أي انفلات في الأمن سيقلب المشهد رأساً على عقب.
 
على صعيد الجبهة الداخلية، وتحديداً الطائفة الدرزية، فإن الأولوية بالنسبة لجنبلاط هي حماية الطائفة الدرزية وتحصينها من أي ارتدادات أمنية أو حوادث قد تشعل فتيل الشارع. ومن هنا، فإن جنبلاط ما زال متمسكاً بتفاهم خلدة مع النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، حتى وإن لم يكن هناك تقاربٌ سياسي خلال المرحلة الحالية.

وإنطلاقاً من قاعدة تحصين البيئة الدرزية من أي خطر، يسعى جنبلاط إلى خوض الانتخابات على أساس حماية التفاهم مع أرسلان ووهاب، وذلك حرصاً على وحدة الجبل وتجنيبه أي اقتتال قد يحصلُ بسبب التفاوت السياسي والانتخابي.
 
ومع كل ذلك، فإنّ جنبلاط ينتظرُ أن تتضحَ صورة تحالفاته الانتخابية أكثر ليحسمَ الخطة التي يريدُ السير بها. واليوم، لا يمكن لزعيم “الإشتراكي” أن ينأى بنفسه عن المفاتيح الانتخابية التي تخدم لائحته وتحقق التوازن المطلوب، في حين أن الأولوية اليوم هي لاختيار شخصيات تركت بصماتٍ جيدة بين الناس خصوصاً خلال الأزمة القائمة حالياً.