عينها على “انتزاع” الأكثرية.. “القوات” تتجهّز للانتخابات!

5 فبراير 2022
عينها على “انتزاع” الأكثرية.. “القوات” تتجهّز للانتخابات!

لا تزال الصورة الانتخابية غامضة، قبل نحو ثلاثة أشهر من التاريخ “الموعود”. مرّ شهر على فتح باب الترشيحات، ولا تزال “البورصة” خجولة ومتواضعة. لا الأحزاب التقليدية تبدو “متحمّسة”، ولا قوى المجتمع المدني حسمت أمر “تحالفاتها”، وكأنّ الكلّ “يراهن” على شيءٍ ما قد يطرأ في ربع الساعة الأخيرة، أو ما قبلها.
 
حتى “حزب الله” الذي أطلق في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ما يشبه “حملة انتخابية”، لم يدخل في “العمق” بعد. ارتأى تأجيل الإعلان عن شعار الحملة والبرنامج الانتخابي إلى وقت لاحق، الأمر الذي سرى أيضًا على المرشحين، وسط تكهّنات عن “تغييرات” ستبصر النور، رغم أنّ العمل على الانتخابات بدأ منذ أربعة أشهر، وفق نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم.
 
لعلّ حزب “القوات اللبنانية” برئاسة سمير جعجع يشكّل “الاستثناء الوحيد” على هذه “القاعدة”، حتى الساعة. فقد سبق الجميع ببدء إعلان أسماء عدد من مرشحيه في بعض الدوائر، ولو أنّه يفعل ذلك بـ”التقسيط”، وربما “القطارة”، بانتظار تبلور الصورة ووضوحها، وحسم التحالفات أيضًا التي قد تغيّر في بعض الأسماء والتكتيكات، وفق ما يقول عدد من المراقبين.
 
حماسة “قواتية”؟
يقول البعض إنّ ما تقوم به “القوات” يندرج في خانة “حماسة” قيادتها للاستحقاق الانتخابيّ، خلافًا لسائر قوى السلطة. يرى هؤلاء أنّ “القوات” تريد إجراء الانتخابات اليوم قبل الغد، وهي التي كانت قد طالبت بانتخابات مبكرة قبل ذلك، بعدما خرجت “طوعيًا” من السلطة، ومن “جنّة الحكم”، لأنّها تعتقد أنّ النتائج، في ظلّ الظروف الحالية التي يمرّ بها البلد، لن تكون في صالح “خصومها”، بمُعزَلٍ عمّا إذا كانت “الرابح الأكبر” من ذلك أم لا.
 
يشير العارفون إلى أنّ عين “القوات” في الانتخابات المقبلة على تحقيق أكثر من هدف، أولها وربما أهمها انتزاع “الأكثرية المسيحية” من “التيار الوطني الحر”. بمعنى آخر، تريد “القوات” نزع صفة “رئيس التكتل المسيحي الأكبر” عن الوزير السابق جبران باسيل، أو ربما “قلب الأدوار”، وهي تعتقد أنّ الفرصة قد تكون مؤاتية، لأنّ شعبية “التيار” تتراجع، وقد تكون في أسوأ حالاتها اليوم، مع عجز “العهد” عن تحقيق ما كان يصبو إليه.
 
تريد “القوات” الانتخابات أيضًا، لأنّها تسعى لتغيير “المعادلات” على الأرض أيضًا. عينها ليست على انتزاع الأكثرية المسيحية فحسب، بل الأكثرية النيابية والوطنية أيضًا، مع حلفائها. لذلك، هي تصوّر نفسها وكأنّها “قائدة” المشروع المناهض لـ”حزب الله”، والذي يجمع في صفوفه العديد من القوى، التقليدية منها والناشئة، وعلى رأسها “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي أصبح تحالفه مع “القوات” بحكم “الأمر الواقع”، وقد بدأ التنسيق بين الجانبين على خطه.
 
معوقات عدّة
 تعتقد “القوات” أنّ الفرصة “سانحة” لتحقيق مبتغاها أكثر من أي وقت مضى، وربما في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي زادت “النقمة” على أحزاب وقوى السلطة، أكثر من أيّ وقت قد يأتي في القادم من الأيام. بالنسبة إليها، فإنّ الانتخابات اليوم تشكّل “تحدّيًا مفصليًا”، ولذلك فهي تتّفق على اعتبار الانتخابات “مصيرية”، لأنّ ما بعدها لا يمكن أن يكون ما قبلها، إذا ما نجح “المخطط” المرسوم لها، ولو أنّ التجربة اللبنانية تخالف مثل هذا الاعتقاد.
 
لكنّ طريق “القوات” لا تبدو مفروشة بالورود، خلافًا لما يعتقده كثيرون، بل إنّها تصطدم بمعوّقات عدّة. على رأس هذه المعوّقات انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار “المستقبل”، ولا سيما بعدما تبيّن أنّه وخلافًا لما اعتقده “القواتيون”، لن تكون أصوات مناصري التيار “الأزرق” لصالحهم. ثمّة من يذهب أبعد من ذلك بالقول إنّ بعض جمهور “المستقبل” مستعدّ لانتخاب لوائح “التيار” و”حزب الله”، رغم كلّ شيء، “نكاية” بـ”القوات”.
 
صحيح أنّ هناك من يرى أنّ “بدلاء” الحريري الذين يسعون لـ”ملء الفراغ”، قد يكونون من الجو الذي يتناغم مع “القوات” وسياستها، إلا أنّ الأمر يبدو “محفوفًا بالمخاطر”، وفق ما يقول العارفون، الذين لا يبالغون حين يقولون إنّ “اندفاعة القوات” بدأت تتراجع، ولائحة “الأهداف” المرجوّة من الانتخابات تتقلّص، بل ثمّة من يقول إنّ الهدف المُعلَن قد يصبح الحفاظ على الحجم الحاليّ للكتلة “القواتية”، منعًا لأيّ خسائر غير محسوبة.
 
بمُعزَلٍ عن صحّة التحليلات وصوابيّة التكهّنات، يبقى الأكيد أنّ “القوات” خطت خطوة متقدّمة على باقي الأحزاب، بإعلاناتها الدورية عن أسماء المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات. تتصرّف “القوات” باختصار، وكأنّ الاستحقاق حاصل في مواعيده، وقد خرج من دائرة الخطر. قد لا يكون ذلك مؤشّرًا كافيًا لضمان “مصير” الانتخابات، لكنّه على الأقلّ، دليل أنّ هناك مَن دخل أجواء السباق المحموم والمنافسة المشتعلة، لعّل وعسى!