مَنْ تابع سيل التصريحات الصادرة عن نواب ووزراء حركة أمل وحزب الله، بالتزامن مع تسريبات صحافية “حافلة بالعنجهية” ومصاغة بلغة “التهديد والوعيد والانتفاخ السياسي” ، لاعتقد للوهلة الاولى إن امرا جلل حصل في جلسة مجلس الوزراء، وأن رئيسي الجمهورية والحكومة” ارتكبا المعاصي او الخيانة العظمى”فسارع “الثنائي الشيعي”بوزرائه ونوابه ومستكتبيه الصحافيين الى” محو العار” ولملمة الوضع.
لكن القراءة الهادئة والموضوعية لما حصل، تظهر الاتي:
الجلسة الحكومية في القصر الجمهوري كان مقررا لها ان تجري مراجعة سريعة للتعديلات التي اقرت على مشروع قانون الموازنة الذي اعده في الاساس وزير المال يوسف خليل مع فريق عمل الوزارة، علما ان مجلس الوزراء كان عقد تسع جلسات طويلة في السراي الحكومي لدرس الموازنة وجلسة اولى في القصر الجمهوري للاطلاع من وزير المال على الخطوط العريضة لمشروع الموازنة.
وفي هذه الجلسات الحكومية المطولة والتي امتد بعضها حتى ساعات الليل ، جرت مناقشة كل بنود الموازنة بالتفصيل، ومادة مادة، كما جرى تعديل بعض البنود وكُلّف فريق وزارة المال اعادة ادراج التعديلات ضمن المشروع النهائي الذي سيحال على مجلس النواب.
وفي الجلسة الاخيرة في بعبدا تم اطلاع مجلس الوزراء على فحوى التعديلات واقر المشروع كما تم الاتفاق عليه سابقا، وبالتالي فان الحديث عن عدم درس المشروع مجددا او عدم الاطلاع على التعديلات غير صحيح ويجافي الحقيقة.
اما بشأن التعيينات العسكرية التي جرت، وهي تعيين العميد محمد المصطفى امينا عاما للمجلس الأعلى للدفاع، والعميد بيار صعب عضوا في المجلس العسكري، فهي في المضمون تعيينات عسكرية ضرورية خصوصا في هذا الظرف .اما في المبدأ فان طرح بنود على الجلسة من خارج جدول الاعمال هي حق دستوري لرئيس الجمهورية لا جدال فيه، مثلما ان وضع جدول اعمال مجلس الوزراء هو حق لرئيس الحكومة حصرا .
من هنا ، يقول مصدر معني، ان كل هذا اللغو بشأن التعيينات من قبل “وزراء الثنائي” لا موجب له، دستوريا وعمليا، علما انه قد يتم في جلسة الحكومة الثلاثاء المقبل، تعيين نائب مدير عام أمن الدولة، وهو منصب للطائفة الشيعية.”
ويشير مصدر مطلع على الاجواء “ان الحملة التي انطلقت بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء هدفها سياسي وانتخابي، حاول خلالها المعترضون كسب الود الشعبي وتحييد انفسهم عن تداعيات الاجراءات المالية التي اتخذت ضمن الموازنة، وهي اجراءات هدفها الاول والاخير وضع البلد على سكة المعالجة المالية الصحيحة، علما ان المعترضين كانوا مشاركين في صياغة قسم كبير منها خلال النقاش الحكومي في بنود الموازنة”.
أما بشأن عودة الوزراء الى نغمة انه جرت مخالفة الاتفاق الذي حصل لانهاء اعتكافهم السابق بعدم طرح اي امر يتعلق بالتعيينات، فهو كلام مرفوض، بحسب المصدر، لان رئيس الحكومة كان واضحا منذ البداية بتأكيد عدم حضول اي اتفاق وانه يرفض ان يتدخل احد في صلاحياته الدستورية، وهو ما اعاد تأكيده مجددا ليل امس في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي اشار فيه” الى أن وضع جدول اعمال مجلس الوزراء هو حصرا من صلاحيته، وانه لم يعقد اي اتفاق جانبي لقاء عودة الوزراء المعتكفين في حينه الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ، ولا يقبل ان يحدد له احد جدول اعمال مجلس الوزراء او ان يتدخل في صلاحياته الدستورية او يحددها”. كما اكد ميقاتي” ان لا تسويات على حساب الصلاحيات الدستورية”.
وفي المعلومات المتوافرة فان”النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل سيلتقيان الرئيس ميقاتي في الساعات المقبلة،بناء على طلبهما ” للتشاور في الاوضاع”، في وقت نفت مصادر مطلعة الاخبار التي اشارت الى ان الرئيس ميقاتي اجرى اتصالا برئيس مجلس النواب نبيه بري بعد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء.
وفي سياق متصل نفت اوساط رئيس الحكومة ما اوردته احدى الصحف اليوم “عن اتصال اجراه بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، طالباً إجراء تحقيق أمني لكشف الجهات المسؤولة عن تسريب خطة الحكومة الاصلاحية”.
وقالت الاوساط” هذا ايضا من ضمن الاخبار غير الصحيحة التي يتم تسريبها ، علما ان خطة الحكومة لم يتم انجازها بعد بشكل نهائي وما تم تسريبه وزُعم انه خطة ، هو عبارة عن مجرد افكار مطروحة للنقاش ليس الا”.