تحالف “القوات” و”الاشتراكي” حُسِم في جبل لبنان.. ولكن!

31 مارس 2022
تحالف “القوات” و”الاشتراكي” حُسِم في جبل لبنان.. ولكن!


بعد ما أشيع عن “فرط” التحالف بينهما على أبواب الانتخابات النيابية، عادت الأمور لـ”تُفرَج”، إن جاز التعبير، بين “الحزب التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية”، في الساعات الماضية، على وقع الزيارة التي قام بها النائب وائل أبو فاعور إلى معراب، حيث تحدّث عن “تنسيق دائم” بين الجانبين، على المستوى السياسي قبل الانتخابيّ.

 
بعد اللقاء مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، لم يعلن أبو فاعور، كما كان متوقَّعًا، “التفاهم الشامل” بين الجانبين، لكنّه أعلن أنّ الأمور تتقدّم على مستوى جبل لبنان في العلاقة والتنسيق بين الحزبين وأطراف أُخرى، وانّ الأمور باتت قاب قوسين أو أدنى، من “الإنجاز الكامل”، وفق ما قال، متحدّثًا عن “أساس سياسي مشترك، تحديدًا في بناء الدولة”.
 
لكنّ هذا “الأساس المشترك” لا يبدو أنّه سيشمل كلّ المناطق، إذ إنّ إشارة أبو فاعور إلى ما وصفها بـ”الحيثيات الخاصة” التي تتّسم بها المناطق الأخرى، خارج جبل لبنان، فُهِمت سريعًا بمثابة إعلان “الطلاق الانتخابي” بين الجانبين في دائرة البقاع الغربي تحديدًا، حيث أصبح معروفًا أنّ حليف “الاشتراكي”، “المستقبلي” محمد القرعاوي، وضع “الفيتو” على “القوات”!
 
مفاوضات صعبة 
يقول البعض إنّ المفاوضات بين “القوات” و”الاشتراكي” لم تكن سهلة، وإنّ المعلومات التي تحدّثت عن احتمال “فرط التحالف” بينهما قبل ساعات قليلة كانت دقيقة إلى حدّ بعيد، ولم تكن من محض الخيال، في ظلّ الشروط والشروط المضادة التي وُضعت على الطاولة، وأوحت أنّ “المصلحة الانتخابية” قد تكون في خوض الاستحقاق على لوائح متباينة.
 
لكنّ ثمّة من يقول إنّ “الاشتراكي” تحديدًا توصّل إلى قناعة مغايرة بأنّ مصلحته تكمن في التحالف مع “القوات” في الجبل، في ظلّ “المواجهة” غير السهلة التي يخوضها مع كلّ من “التيار الوطني الحر” والوزيرين السابقين طلال أرسلان ووئام وهاب، اللذين يتحالفان للمرة الأولى ربما، بعدما كان “الجنبلاطيون” يستفيدون من “خصومة” الرجلين التاريخيّة، والتي كانت تنزل عليهم “فوائد” بطبيعة الحال.
 
ولعلّ توالي عزوف مرشحي “الاشتراكي” المسيحيّين وآخرهم شارل عربيد دلّت على ذلك، خصوصًا في ظلّ وجهة نظر أفادت بأنّ “القوات” قادرة على خوض الانتخابات في الجبل بمفردها، ومن دون جميلة “الاشتراكي”، خصوصًا بعدما دلّت تجربة 2018، من خلال الأصوات التفضيلية التي حصدها نائباها جورج عدوان وأنيس نصار، أنّها قادرة على تأمين الحاصلين الأول والثاني من دون تعقيدات كثيرة.
 
استثناءات موجودة
 
كلّ ذلك صحيح، إلا أنّ الصحيح أيضًا الذي توصّلت إليه قيادتا “الاشتراكي” و”القوات”، ومن يقف خلفهما ربما، يكمن في أنّ “المصلحة” تقضي بخوضهما المواجهة معًا، لتصعيد المهمّة على الخصوم المشتركين بالدرجة الأولى، علمًا أنّ العارفين يؤكّدون أنّ “انكفاء” تيار “المستقبل” هو الذي قرّب المسافات بينهما، بعدما كان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري قد وضع ما يشبه “الفيتو” على استعادة التحالف الثلاثي القديم.
 
وثمّة من يعتقد أنّ بعض المرجعيات التي تدفع نحو “مواجهة” مع المعسكر الذي يمثله “حزب الله” وحلفاؤه، دفعت هي الأخرى نحو “تكريس” التفاهم بين الجانبَين، باعتبار أنّ المعركة “غير المتكافئة” التي تنطوي عليها الانتخابات، بعد انسحاب قوى وشخصيات لها وزنها وحيثيّتها من المشهديّة، تتطلّب مثل هذا “التفاهم”، خصوصًا في الشوف وعاليه، حيث إنّ أيّ خسارة يتكبّدها “الاشتراكي” يمكن أن تكون “ثقيلة جدًا” على أكثر من مستوى.
 
لكنّ كلّ المعلومات المتوافرة تؤكد أنّ التفاهم بين “القوات” و”الاشتراكي” سيبقى منقوصًا، فهو لن يصل إلى البقاع الغربي وراشيا، حيث سيخوض أبو فاعور نفسه المعركة بمفرده، من دون “القوات”، التي يبدو أنّها وجدت ملاذها خارج لائحة القرعاوي، المصرّ على “الفيتو” عليها، من باب “التضامن” مع رئيس تيار “المستقبل”، وإن كان هناك من يعتقد أنّ الكثير من “المعادلات” اختلفت اليوم، وانتهت معها “قطيعة” الأمس القريب.
 
يقول كثيرون إنّ “القوات” و”الاشتراكي” قد يكونان بمثابة “حليفي الضرورة”، إذ لم يبقَ لكلّ منهما سوى الآخر، بعدما تركهما الحريري في منتصف الطريق، واصطدما بالكثير من العوائق. وإذا كان “الطلاق الانتخابي” بينهما شبه واقع في البقاع الغربي، فإنّ “تقاطعهما” في جبل لبنان يبقى ثابتًا لضرورات انتخابية بالدرجة الأولى، لكن سياسيّة قبل ذلك، بالنظر إلى التموضعات المتوقّعة لمرحلة ما بعد الانتخابات!