المعارضة تخوض “المعركة” في الجنوب.. هل تحقق “المعجزة”؟!

14 أبريل 2022
المعارضة تخوض “المعركة” في الجنوب.. هل تحقق “المعجزة”؟!


خلافًا للتشتّت الذي طغى على طريقة عملها في معظم الدوائر الانتخابية، حيث توزّعت القوى المحسوبة على المعارضة في لوائح متباينة متناقضة، ما خلق “نفورًا” بين الوجوه “التغييرية” نفسها، وسط اتهامات بـ”المحاصصة والشخصانية”، تخوض قوى المعارضة في دائرة الجنوب الثالثة معركة “نموذجية”، بلائحة أساسيّة واحدة، تواجه لائحة “الثنائي الشيعي” في عقر داره، كما يرى كثيرون.

 
ومع أنّ هذه اللائحة اعتُبِرت في أوساط كثيرة بمثابة “إنجاز”، كان ينبغي “تعميمه” على دوائر أخرى، خصوصًا في المناطق التي تمتلك فيها المعارضة حظوظًا أكبر في “الخرق” إذا ما اتّحدت، إلا أنّ الأمر لم يَخلُ من بعض الانتقادات التي وُجّهت لها، حيث اعتبر البعض أنّ “المحاصصة” كانت حاضرة، فيما غاب “التنوّع” بخلوّ اللائحة مثلاً من أيّ وجه نسائيّ، رغم أنّ الدائرة سجّلت ترشيحات لنساء محسوبات على “حراك 17 تشرين”.
 
أما آخر الانتقادات التي ارتفع صداها في اليومين الماضيين، فكان على شكل اتهام للائحة المعارضة بخوض المعركة “تحت سقف” الثنائيّ، بدل أن تكون “في مواجهته”، وكأنّ ثمّة من بدأ يشكّك بولائها وانتمائها، فلماذا تُهاجَم لائحة المعارضة من “أهلها”، إن جاز التعبير؟ أين أخطأت في “التكتيك” وأين أصابت؟ وهل تمتلك حظوظًا فعليّة لتحقيق الخرق، أم أنّ المعركة هي “إثبات وجود” أكثر من أيّ شيء آخر؟!
 
انتقادات للمعارضة
منذ أيام، عادت الأضواء لتُسلَّط على لائحة المعارضة “النموذجية” في دائرة الجنوب الثالثة، لكن هذه المرّة من بوابة بعض الانتقادات التي توجَّه لها، والتي قد يكون لافتًا أنّ من يقفون وراءها في الأغلب هم من المعارضين أساسًا، وتحديدًا من خصوم ثنائيّ “حزب الله” و”حركة أمل”، في وقت يحاول جمهور “الثنائي” إبداء “عدم اكتراث”، انطلاقًا من “يقين” يحاول ترويجه بأنّ المعركة “محسومة سلفًا”، ولا ضرورة لخوض أيّ “معارك جانبيّة”.
 
بين الانتقادات ما قد يكون في مكانه، منها على سبيل المثال، أن القوى التي تسعى لتكريس “التغيير”، تعاملت مع الاستحقاق في مكانٍ ما كما فعلت القوى “النافذة” في الجنوب، فاستبعدت النساء، رغم وجود مرشحات معارضات في الدائرة، ويقول البعض إنّ المعارضة أيضًا أخطأت حين اعتمدت أسلوب “المحاصصة” نفسه في اختيار مرشّحيها، الذين توزّعوا بين “الشيوعي” ومجموعات “التغيير”.
 
وإذا كان البعض استند إلى ما تقدّم ليقول إنّ وجود لائحة “واحدة” للمعارضة لا يعني وجود “وحدة” للمعارضة، فإنّ المفارقة المثيرة للانتباه تمثّلت في “ارتقاء” الانتقادات في الساعات الأخيرة لتشمل “خطاب” اللائحة بحدّ ذاته، حيث اعتبر البعض أنّه “يتناغم” مع خطاب “حزب الله” بشكل أو بآخر، خصوصًا على مستوى ما يتعلق بمنطق ومفهوم المقاومة، رغم أنّ بعض أعضاء اللائحة تعرّضوا في وقتٍ سابق لحملات “تخوينية” بالجملة.
 هل من حظوظ؟
يردّ المتحمّسون للائحة المعارضة في الجنوب على هذا المنطق، بالإشارة إلى اتهامات “معاكسة” وُجّهت للائحة، ما يعني أنّها في “المسار الصحيح”، طالما أنّها “تُرشَق” من كلّ الجهات، فيما يلفت آخرون إلى وجوب عدم نسيان أنّ مبدأ المقاومة يبقى “ثابتة” بالنسبة إلى الجنوبيّين، وبالتالي فإنّ أيّ خطاب ينطلق من “ضرب” هذا المبدأ، بدل “الأداء السياسي للمنظومة” التي أفقرت الناس وأدّت إلى تدهور الأوضاع، مصيره “السقوط” من دون أسف ولا من يحزنون.
 
لكن، إذا كان الواقع كذلك، فهل من حظوظ فعليّة تمتلكها لائحة المعارضة في دائرة لطالما “احتكرها” الثنائيّ، وبفوارق كبيرة عن أقرب المنافسين، أم أنّ المعركة لا تعدو كونها “شكليّة”، من باب “إثبات الوجود” ليس إلا؟ 
 
بالنسبة إلى المحسوبين على اللائحة، فإنّ الخرق “أكثر من ممكن”، وهو ما لا ينكره بعض الخبراء الانتخابيّين، ولكن مع الإقرار بأنّه سيكون “محدودًا”، ولن يتجاوز مرشحًا أو اثنين في أحسن الأحوال، مشيرين إلى وجود العديد من “العوائق”، منها أنّ المعارضة لا تمتلك “القدرات” التي تتوافر لدى أحزاب السلطة، فضلاً عن وجود اعتقاد بأنّ كثيرين من أبناء المدن لن يتكبّدوا مشقّة المجيء “المكلف” إلى القوى للتصويت في انتخابات، يعتقدون أنّها “محسومة ومعلّبة”.
 
في المقابل، يصرّ المحسوبون على “الثنائي” على أنّ “لا شيء يدعو للقلق”، وأنّ الجنوبيّين سيجدّدون في الانتخابات المقبلة “البَيْعة” لممثليهم “الشرعيّين”. وإذا كان هناك من لام “الثنائي” على اختيار الوزير السابق مروان خير الدين، القادم من عالم المصارف، في ذروة الأزمة الماليّة، فإنّ هؤلاء يؤكدون أنّ الأمر لن يكون له أيّ “تأثير” على عمليات الاقتراع، خصوصًا في ظلّ تصوير الانتخابات على أنّها “معركة مفصلية”، بل “استفتاء” على الخيارات.
 
قد يكون للائحة المعارضة في الجنوب ما لها وما عليها، في ظلّ وجود بعض “التحفّظات” على آلية التشكيل، والخيارات، والهيكلية. لكن ثمّة من يرى أنّ “الإيجابيات” تطغى، بمعزل عن النتائج، فهي بالحدّ الأدنى، أضفت روح “المنافسة” في منطقة لطالما كانت انتخاباتها تُعتبَر “تحصيلاً حاصلاً”، وهو ما يشكّل “قيمة مضافة”، حتى لو صحّت فرضية “الثنائي” عن أنّها منافسة “شكلية” لا أكثر ولا أقلّ!