بينما تُعلن “القوّات اللبنانيّة” عن أسماء مرشّحيها في مختلف المناطق، وتُطلق برنامجها الانتخابيّ، وترفع السقف بوجه حزب الله” و”التيّار الوطنيّ الحرّ”، وتخاطب الناخب الشيعيّ في الدوائر التي تخوض فيها معارك إنتخابيّة ضدّ لوائح “الثنائيّ الشيعيّ”، يلاحظ مراقبون ثغرة في عقر دارها، في بشرّي، تتمثّل بالمقعد المارونيّ الثاني.
وقد رشّحت “القوّات” النائبين ستريدا جعجع، وجوزيف إسحق مجدّداً. في السياق، فإنّ الخطر لا يأتي من خصم “القوّات” المسيحيّ التقليديّ في دائرة الشمال الثالثة، أيّ “التيّار”، نظراً لضعف الاصوات التي يسجّلها في بشرّي. والجدير بالذكر، أنّ “الوطنيّ الحرّ” نال فقط 1188 صوتاً في هذا القضاء. ومع التحالفات الضعيفة التي يخوض النائب جبران باسيل على إثرها المعركة في الشمال الثالثة، وتأثيرها على حصول “رح نبقى هون” على أقلّ من 3 حواصل، يستبعد مراقبون في أنّ تتمكن لائحته من إحداث خرقٍ في بشرّي.
في المقابل، فقد أعاد المرشّح ملحم طوق، سيناريو الـ2018 إلى الاذهان. ويرى مراقبون أنّ الاصوات التي نالها في الانتخابات الماضيّة، شكّلت خطراً كبيراً على خرق لائحة “القوّات” في قلعتها الشماليّة. وما زاد من قلق معراب، بحسب المراقبين، أنّ طوق، عاد وتحالف مع النائبين طوني فرنجيّة وسليم سعادة. وتجدر الاشارة إلى أنّ لائحة الاخيرين، نالت العدد الاكبر من أصوات المقترعين عام 2018، بـ40788، وفازت كذلك، بأربعة حواصل، وهي أيضاً الاكثر بين باقي اللوائح.
وللتذكير، فإنّ النائبة ستريدا جعجع نالت 6677 صوتاً. أمّا زمليها النائب جوزيف إسحق التي تتخوّف القيادة الانتخابيّة القوّاتيّة من خسارته، فقد حاز على 5990 صوتاَ. فيما حظي طوق بـ4649 صوتاً. ويلفت مراقبون إلى أنّ السبب الرئيسيّ لامكانيّة خرق الاخير المقعد النيابيّ الخاصّ بإسحق، يعود أوّلاً لسهولة تأمين “لائحة وحدة الشمال” أقلّه 3 حواصل، وإمكانيّة أنّ ينال أصواتاً تفضيليّة، تُمكّنه من خطف الفوز من “القوّات” هذه المرّة. ويُردف المراقبون أنّ الـ1341 صوتاً التي تفوّق فيها إسحق على طوق عام 2018، تُعتبر فارقاً كبيراً إنتخابيّاً، وخصوصاً مع التوجّهات الحزبيّة المعروفة لدى الناخبين في دائرة الشمال الثالثة، والتي تقضي أنّ يقترع كلّ ناخبٍ لممثله. وهذا من نتائج قانون الانتخابات النسبيّ، الذي يعطي أهميّة للتحالفات لرفع الحواصل، ويُطبّق منطق “الشاطر بشطارته” ينجح بالأصوات التفضيليّة. لكن، يُذكّر المراقبون أنّ قضاء بشرّي نال العدد الاقلّ من الاصوات التفضيليّة، ما يُرجّح نقل أصوات من زغرتا أو الكورة لزيادة من نسبة فوز طوق على “القوّات”. لكن، يستبعد المراقبون هذا التوجّه، ويرون أنّه لو تحالف باسيل مع طوق، لكانت فرضيّة إعطاء بعض أصوات “الوطنيّ الحرّ” له أعلى.
وفي الارقام، من المحسوم أوّلاً أنّ “لائحة وحدة الشمال” ستُؤمّن فوز النائب طوني فرنجيّة لـ4 سنوات جديدة. وسيتقاسم النيابة المارونيّة في زغرتا مع زميله في “المردة” أسطفان الدويهي، ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوّض. أمّا في البترون، فالنتائج ترجح فوز النائب جبران باسيل، ومرشّح “القوّات” غياث يزبك بالمقعدين المارونين، ولو ان تقديرات البعض الانتخابية ترى خلاف ذلك. وفي الكورة، تُشير الترجيحات إلى أنّ “التيّار” سيحصد المقعد الذي يشغله النائب جورج عطالله، و”المردة” و”القومي” سيفوزان أقلّه بمقعدين أرثوذكسيين (سليم سعادة وفادي غصن)، إنّ لم يُشكّل مفاجأة مرشّح “القوّات” فادي كرم، ويحرمهما من مقعدٍ. عندها، يذهب المقعد المارونيّ في بشرّي لطوق. وتجدر الاشارة إلى أنّ كرم نال العدد الاكبر من الاصوات في قضاء الكورة، في الانتخابات السابقة. إلا أنّ لعبة الحواصل أعطت مقعدين لحزبه في بشرّي، وواحداً في البترون.
وهنا، يكمن القلق “القوّاتيّ”. ويسأل مراقبون، هل يكفي توزيع الاصوات بين المحازبين في قرى بشرّي لضمان فوز جعجع وإسحق؟ وماذا عن أصوات المغتربين، ومجموعهم 6048 في هذا القضاء؟ هل يُثبّتون فوز “القوّات” بالمقعدين، أم تذهب أصوات لا بأس بها منهم لصالح طوق، وتعطيه الافضليّة؟ ويُضيفون: هل سيتم تجيير أصوات من الكورة لاسحق، لضمان فوزه، لانّ المقاعد الارثوذكسيّة شبه مضمونة، وخسارة كرم مرجّحة؟ غير أنّ لائحة “نبض الجمهوريّة القويّة” بإمكانها الفوز بحاصل رابع، مستفيدة من إمكانيّة فشل قوى التغيير من تأمين حاصلٍ.
كذلك، يلفت مراقبون إلى نقطة أساسيّة في معركة الشمال الثالثة، وهي أنّ لائحة فرنجيّة ستخسر حوالي 6000 صوتٍ، نتيجة إنتقال مجد حرب، نجل النائب السابق بطرس حرب، للائحة “الكتائب”. وهذه الاصوات كفيلة بحرمان “لائحة وحدة الشمال” من الحاصل الرابع، والكسر الاعلى، لصالح حرب – معوّض. ما سيلعب دوراً هامّاً باحتفاظ “القوّات” بمقاعدها الثلاثة في بشرّي والبترون. في المقابل، يوضح المراقبون أنّ هناك فرقاَ شاسعاً بين الاصوات البترونيّة الخاصّة بحرب، وتلك لجوزيف نجم، مرشّح “المردة”. ما يعني أنّ أصوات التيّار الاخير ستكون مركّزة على قضاء زغرتا، لصالح فرنجيّة والدويهي، كون معركة البترون هي بين “القوّات” وباسيل وحرب.
في المحصّلة، يصعب التكهّن بأرقام الانتخابات النيابيّة، في ظلّ القانون النسبيّ، الذي خلط التحالفات والنتائج، وخلق منافسةً بين مرشّحي الحزب الواحد. ويبقى فوز كرم في الكورة على حساب إسحق في بشرّي من جهة، وفوز طوق على حساب غصن أو سعادة في الكورة من جهة ثانيّة، وارداً إنّ لم تنجح “القوّات” بتأمين حاصلٍ رابعٍ، أو توزيعها للاصوات التفضيليّة بشكل مدروس، كما جرى العام 2018.