كتب نقولا ناصيف في ” الاخبار”:
لن يصبح حظ تعطيل انتخابات 15 أيار صفراً إلا عند الوصول إلى صناديق الاقتراع. بعض العلامات الإيجابية أن الأفرقاء جميعاً أضحوا في الطور الأخير في هذا الاستحقاق. أنجزوا تحالفاتهم وأعدّوا قواعدهم وفتحوا خزائنهم، وانتقلوا أكثر من أي وقت آخر إلى احتساب الأرقام: الحاصل المؤهِّل للفوز والصوت التفضيلي المفضي إلى المقعد.
البعض الرسمي المعني يتوقّع تذليل العراقيل اللوجسيتية والتقنية المعروفة: اعتراض القضاة والأساتذة وشح الموارد وتوفير الكهرباء. يجزم بأن ما بعد الانتخابات بات هو الأهم الآن، وكذلك ما سينبثق من البرلمان المنتخب.خشية واحدة تكمن في أذهان هؤلاء، هي حصول صدمة غير محسوبة. كأن يقال، من باب التقدير، حدثاً أمنياً أو حادثاً أمنياً. الأول جسيم، والثاني ذريعة. كلاهما يشكّل فرصة محتملة للتراجع عن إجراء الانتخابات في موعدها. في المقابل، ثمة واقع احترازي، هو أن مجلس النواب لا يزال في عقده العادي الأول كي يلتئم عند الضرورة حتى 31 أيار. إلا أن المشكلة الموازية هي أن المهلة الفاصلة ما بين موعد صناديق الاقتراع في 15 أيار، وانتهاء ولاية البرلمان الحالي منتصف ليل 21 أيار، ضئيلة للغاية. بالكاد ستة أيام. قبل الوصول إلى 21 أيار، اليوم الأخير في ولاية البرلمان الحالي، يفترض أن يكون ثمة برلمان منتخب، وأن يدعى البرلمان المنتخب في هذا اليوم إلى الانعقاد للمرة الأولى لانتخاب رئيسه ونائب للرئيس وهيئة مكتب المجلس، إيذاناً بممارسة صلاحياته الدستورية.
أكثر من أي وقت مضى، بات الكلام المعمَّم أن الانتخابات واقعة حتماً. قلّت ذرائع التأجيل وتكاد تختفي. الأهم في ذلك أن أحداً لم يعد يرسم علامات استفهام على ميثاقية إجرائها، مقدار ما بات يعبّر سلفاً عن تخوفه من الواقع المقبل للميثاقية المتوقعة من النتائج والأحجام التي سيفضي إليها الاستحقاق. المحسوم أن الطوائف كلها منخرطة فيه بما لا يعرّضها إلى الطعن. لم يتوقف الكلام عما سيكون عليه الموقف السنّي المترجح بين قائلين بالمقاطعة ومتحمسين للمشاركة، دونما تغليب إحدى وجهتي النظر هاتين. عزز انقسام الرأي ما دار في أوساط الطائفة من تناقض في تفسير القبول بالتصويت أو الامتناع عنه. طُرحت فكرة التصويت السلبي في وجهتين: أولى الامتناع الكامل عن الاقتراع، وثانية الاقتراع ضد المرشحين السنّة الذين يدعمهم حزب الله وحزب القوات اللبنانية.
إلى وقت غير بعيد، لم تفارق الشارع السنّي أكثر من محاولة لإيجاد ذريعة لتأجيل حصول الانتخابات في الموعد المقرر لها، بدعوى افتقارها إلى الميثاقية بسبب تغيّب طائفة كبرى عنها. سرعان ما اصطدمت المحاولة هذه بحملة مضادة أفصحت عنها وفرة الترشيحات واللوائح والمتنافسون على مهاجمة حزب الله أو المصوِّرون أنفسهم أنهم حرصاء على إرث الحريري الأب، فأضحى الوصول إلى 15 أيار محتوماً بمَن حضر من السنّة. بات الأمر أكثر صدقية مع عودة السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت أخيراً، وتحرّكه غير المسبوق لأشهر خلت.