كتبت” اللواء”: لم يخذل الحظ الرئيس نبيه برّي، بعد 30 عاماً في رئاسة المؤسسة التشريعية الأم، منذ ما بعد انتخابات العام 1992، وهي أوّل انتخابات بعد اتفاق الطائف، مروراً بكل المحطات واخطرها كانت محطة ما بعد العام 2005 عام استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وصولاً إلى حقبة الانهيار الكبير بعد 17 ت1 2019، وما تلاه من تحركات وصدامات واتهامات، من قبل الشارع الذي اوصل إلى البرلمان الجديد، الذي انتخب رئيسه ونائب الرئيس وكوَّن مطبخه التشريعي، عبر أعضاء المكتب الذي لم يغادره العوني آلان عون، والاشتراكي هادي أبو الحسن الممثلين شريكين في سلطة المجلس، أو ربما في سائر السلطات المنبثقة.
هكذا بدا برّي رئيساً انتقالياً، بين مرحلتين، سابقة ومقبلة، في السنوات الأربع من عمر ولاية المجلس الجديد، الذي تمنى له الرئيس ميشال عون، لدى استقباله برّي ونائبه الياس أبو صعب وأعضاء المكتب الجديد، ان ينجح في إنقاذ لبنان.
وبصرف النظر عن الحسابات الرقمية وهبوطها من 98 نائباً في انتخابات 2018 إلى 65 نائباً في انتخابات 2022، بدا الرئيس المخضرم، يواصل مسيرته البرلمانية، متثاقل الخطى، ويحسب ألف حساب للعبة التوازنات الجديدة – القديمة، حيث بدا ان الحليف الحقيقي لرئيس حركة أمل بعد “حزب الله” ليس التيار الوطني الحر، بل النائب السابق وليد جنبلاط، وكتلة حزبه، برئاسة نجله النائب تيمور جنبلاط، التي أبقت هالة الرئاسة بيد «الحليف» والذي لا مرشّح سواه للرئاسة الثانية نبيه برّي، فجاء نجاحه من دورة الاقتراع الأولى، بمثابة حفظ ماء الوجه، لطي صفحة وبدء صفحة جديدة، من زاوية “اننا سنلاقي الورقة البيضاء بقلب ابيض” (في إشارة واضحة لتكتل لبنان القوي) في أوّل خطاب له بعد إعادة انتخابه، مضيفاً “نعم لمجلس نيابي يرسخ مناخات السلم الأهلي والوحدة الوطنية، ولنكن 128 نائباً نعمل لمجلس «لا يعمق الانقسام بين اللبنانيين ويعيد إنتاج مناخات الإحتراب الداخلي..”.
وقالت مصادر في التيار الوطني الحر ان الورقة البيضاء التي وضعت في صندوق انتخاب برّي، لم تقابل بالمثل، ومع ذلك صوت الثنائي لمصلحة مرشّح باسيل أبو صعب، ولكن في المستقبل، يمكن للاوراق البيضاء ان تلتقي مع القلوب البيضاء.
وفي كلمة له بعد انتخابه رئيساً للمجلس النيابي لولاية جديدة، دعا الرئيس بري الى الاحتكام للإرادة الوطنية الجامعة المتمثلة بقلق الناس وآلامهم وتطلّعاتهم وآمالهم بالقدرة على الإنقاذ والتغيير، معتبراً أنَّ أي خطط ووعود وبرامج لا تقدّم الحلول للأزمات على اختلافها وكثرتها هو كلام وخطط خارج السياق.
وخاطب النواب بالقول: “في ظل تفاقم الأزمات والتحديات التي تداهم كل لبنانيّ لأي طائفة انتمى ولأي توجّه سياسيّ كان، أدرك وتدركون معي في هذه اللحظات العصيبة والراهنة التي يمرّ بها لبنان بأن أي كلام لا يلامس وجع الناس واحتياجاتهم في كل ما يصنع حياتهم وحياة وطنهم وأنَّ أي خطط ووعود وبرامج لا تقدّم الحلول للأزمات على اختلافها وكثرتها هو كلام وخطط خارج السياق”.
وأضاف الرئيس بري «بعد أن طوينا صفحة الانتخابات النيابية وفاز مَن فاز وبعيدًا عن احتساب الأكثرية لهذا الطرف أو ذاك، أدعوكم كي نكون جميعًا على النحو التالي: لنكن 128 «نعم» لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في موعدها و128 “لا” للفراغ في أية سلطة، و128 “نعم” جريئة ودون مواربة للانتقال بلبنان من دولة الطوائف والمذاهب والمحاصصة الى دولة المواطنة والمساواة وتكافؤ فرص الدولة المدنية، و128 “نعم” صريحة وقوية وواحدة موحّدة ضد أي تفريط بحقوق لبنان السيادية في ثرواته المائية والنفطية مع فلسطين المحتلة و128 “لا” للتنازل أو المساومة أو التطبيع قيد أنملة في هذه الثروات تحت أي ظرف من الظروف ومهما بلغت الضغوط”.