هذا ما قاله جبران باسيل عن ميقاتي… ما مدى صحته؟

16 يوليو 2022
هذا ما قاله جبران باسيل عن ميقاتي… ما مدى صحته؟

عشية الإستشارات النيابية الملزمة السابقة، والتي أدّت إلى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة “معًا للإنقاذ”، أصدر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بيانًا طرح فيه مجموعة كبيرة من الأسئلة حيال منظومة الحماية الإجتماعية الشاملة والخطة الاقتصادية وخطة الكهرباء والتدقيق الجنائي وقوانين الإصلاح، ودور القضاء أمام سطوة النافذين، وأكد أنه سيبقى على العهد في تحمل مسؤولياته ولن يمشي قائلاً: “اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟ هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون،أنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم، قلت كلمتي ولن أمشي، بل سأظلّ على العهد والوعد، وأملي أن تفكروا جيّداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، ذلك لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباءً متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين، سأبقى أتحمل مسؤولياتي في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة “. 

أمّا هذه المرّة فأكتفى رئيس الجمهورية بإعلان موعد الإستشارات، فيما تولّى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مهمة “التأثير” على التكليف، مكررًا رفضه تسمية الرئيس ميقاتي لتولي “مهمة الإنقاذ”. ونصّب نفسه محامي دفاع عن صلاحيات الرئاسة الأولى، وقام من خلال “الغرف السود” بمهمة تسريبات متتالية أساءت في الدرجة الأولى إلى مقام هذه الرئاسة قبل أن تصيب سهامه موقع رئاسة الحكومة وشخص الرئيس المكلف. وكان أول هذه التسريبات إمرار “فوتو كوبي” عن الصيغة الحكومية التي حملها الرئيس المكّلف إلى رئيس الجمهورية بعد 12 ساعة من إنتهاء الإستشارات النيابية غير الملزمة. وتوالت هذه التسريبات في أشكال متعدّدة، وكان الهدف منها عرقلة أي إمكانية للتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف، وهما المعنيان الحصريان بإصدار مراسيم التكليف. 
في أكثر من موقف غير علني، وفي الصالونات التي كان يعتقد أنها مغلقة، أفصح باسيل عمّا يضمره تجاه الرئيس المكّلف، وهو أبلغ جميع المعنيين أن فشله في مهمة التكليف لا يعني بالضرورة فشله في مهمة التكليف، وقال يومها كلامًا سُرّب بعضه إلى الإعلام، والبعض الآخر إلى الجهات المعنية، بما معناه “الله لا يخليني إذا خليّت نجيب ميقاتي يشكّل آخر حكومة في عهد ميشال عون”. 
وقد طالعنا أمس الأول بيان صادر عن مكتب الإعلام في القصر الجمهوري، فيه أن رئيس الجمهورية ليس في وارد التخلي عن شراكته الدستورية الكاملة في تأليف الحكومة، الامر الذي يعني انه لا يكفي ان يقدم الرئيس المكلف تشكيلة حكومية هي خلاصة اقتناع تولد لديه نتيجة المعطيات المتوافرة ومواقف الكتل والنواب والقيادات والشخصيات السياسية، بل ان لرئيس الجمهورية رأيه وملاحظاته، فهو مسؤول تجاه قسمه الدستوري وامام الشعب، كما  ان رئيس مجلس الوزراء مسؤول امام مجلس النواب، وليس في الوارد لدى الرئيس عون التنازل عن هذه المسؤولية لاي سبب كان تماما كما ليس في حسابه قبول سياسة الفرض”. ويختم البيان الرئاسي بأن “الحاجة الماسة اليوم هي الى حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية وقادرة على اتخاذ القرارات التنفيذية وليس الى بيانات من هنا وتسريبات من هناك تزيد الأمور تعقيدًا”. المهمّ في كل هذه المسألة، التي تتعلق بمصير وطن يقبع في هاوية الأزمات وفي زوايا ذاكرة ضعيفة لدى البعض، الإقرار الرئاسي بأن “البيانات الصادرة من هنا وتسريبات من هناك تزيد الأمور تعقيدًا”، وهذا كفيل بإمكانية إعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية، خصوصًا أن لا جدال بالنسبة إلى الرئيس المكّلف حول صلاحيات رئيس الجمهورية وفق ما نصّ عليه الدستور، مقابل إحترام صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية في عملية التأليف، شرط ألا يدخل على “الخطّ” من لا يريد أن تبصر الحكومة النور.