يصر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في كل اطلالة اعلامية على الظهور بمظهر “الحمل الوديع الذي لم يفتح فاه” او “الناسك الزاهد” الذي لا همّ له سوى مصلحة المسيحيين اولا، واللبنانيين في الوطن والانتشار ثانيا.
“حرتقجي الجمهورية” كما يصفه خصومه، أدخل في إطلالته التلفزيونية ليل امس عبر “قناة المنار” تعبيرا جديدا الى سلسلة “التعابير الصادقة” التي يتفوه بها واشهرها “ما خلّونا”. والتعبير الجديد هو “والله العظيم ما كان معي خبر”، في اشارته الى انه لم يكن على علم بنزول القاضية غادة عون الى المصرف المركزي والادعاء على رياض سلامة.
“الناسك الزاهد” بكل شيء، شكا أمام عدسة الكاميرا “بتأثر شديد” من انهم” كل يوم بيقتلوني سياسياً لما يقولوا عني فاسد”.
وفي الملف الحكومي، وهنا جوهر الموضوع، شن باسيل حملة على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، متحدثا كناطق” غير مكلّف رسميا” باسم رئيس الجمهورية. وهذا الايحاء يعقد مهمّة التصويب لكشف الحقائق، لانها ستصيب بشكل او بآخر موقع رئاسة الجمهورية وشخص الرئيس مباشرة.
أولا:يصر باسيل على ترداد لازمة وزعها تياره على “جوقة الببغائيين” لتعميمها، وهي “ان ميقاتي لا يريد اصلاً تشكيل حكومة جديدة”.وهذا الكلام غير صحيح على الاطلاق فرئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية وقدم له تشكيلة حكومية مكتملة ، وبدأ النقاش بشأنها مع رئيس الجمهورية في اجتماع ثان اتفقا بعده على عقد اجتماع ثالث قبل عطلة عيد الاضحى.وقد تسبب هذا الامر باستياء باسيل، الذي عاتب رئيس الجمهورية لاحقا على قبوله تسلّم التشكيلة الحكومية من الرئيس المكلّف، لينتقل بعد ذلك الى محاولة تفشيل التشكيلة الحكومية، بالايعاز لاحد افراد حاشيته بتسريبها الى الاعلام مباشرة وعبر احد المراجع الامنية، من دون التنبه الى ما كان رئيس الجمهورية قد وضعه على النسخة المسرّبة من اشارات فضحت جهة التسريب.
وكعادته في التنصل من اي “حرتقة” اوعز باسيل الى احد المواقع الالكترونية ليلا بالصاق تهمة التسريب بفريق رئيس الحكومة، فجاءه الرد مدويّا ببيان وضع النقاط على الحروف، لينتقل بعدها الى تكتيك” الايحاء بخرق سرية مكتبه، زاعما “ان التسريب تم من دون علمه”. وللمفارقة فان المسرِبَ “المعلوم المجهول” لا يزال يقوم بدوره “كوديعة رئاسية”، مقدّما في الوقت ذاته سيرته الذاتية للعديد من المؤسسات للعمل بعد انتهاء العهد.
ثانيا: سئل باسيل عن عدم زيارة الرئيس ميقاتي الى قصر بعبدا، فقال : “ميقاتي اتصل برئيس الجمهورية قبل ان يسافر وقال له عندما أعود أتكلم معك”.
وتوضيحا لهذه النقطة فان مكتب الرئيس المكلّف اتصل يوم الثلثاء من اسبوع عيد الاضحى بمكتب رئيس الجمهورية لطلب موعد لعقد اللقاء الثالث، فاتى الرد “نعود اليكم بعد قليل”، ولم يأت الرد.
وبعد يومين وقبيل سفر رئيس الحكومة لتمضية عطلة العيد مع عائلته اتصل برئيس الجمهورية لاعلامه لياقة بسفره فهنأه الرئيس بالعيد واتفقا على التواصل بعد عودته.
وكانت المفاجأة بعد ايام قليلة بتسريبة عبر احدى الصحف “ان عون رفض تحديد موعد لميقاتي” لتستكمل التسريبة بكلام اوضح قاله الوزير السابق وئام وهاب مفاده” ان عون قلو اذا ما عندك شي جديد ما تجي”.
ثالثا: نقلت اوساط ديبلوماسية شديدة الاطلاع عن باسيل خلال جولته الاوروبية اخيرا انه “لا يرى ضرورة لتشكيل حكومة جديدة في الفترة المتبقية من عمر العهد وان الحكومة الحالية التي تتولى تصريف الاعمال تقوم بالمهام اللازمة”.
ولم يخف باسيل، بحسب المصادر، ارتياحه الى “حضور فريقه السياسي في الحكومة الحالية”.
هذا الموقف يؤكد ان حملة باسيل على رئيس الحكومة سياسية بامتياز ومحاولة مستمرة لقلب الحقائق.
وفي هذا السياق يقول مصدر حكومي معني” إن رئيس الحكومة قام بواجبه وقدم تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية، وباتت المبادرة لدى الرئيس عون لتلقف جهد الرئيس المكلف لانجاز التشكيلة الحكومية واصدار مراسيمها”.
ويضيف المصدر “ان مهمة تشكيل الحكومة مناطة دستوريا بالرئيس المكلف، ويتعاون مع رئيس الجمهورية لاصدارها، وبالتالي فان ما يردده باسيل من ان تشكيل الحكومة يتم في القصر الجمهورية غير صحيح، وليس له اي مسوغ دستوري”.
ويشدد المصدر على “أن اولوية ميقاتي العمل انطلاقا من احكام الدستور وصون وحفظ مقام رئاسة مجلس الوزراء وصلاحيات ودور رئيس الحكومة، والتعاون مع رئيس الجمهورية وفق القواعد الدستورية وبعيدا عن محاولات فرض الوصاية المباشرة على رئيس الحكومة والتهويل عليه اعلاميا”.
ويختم المصدر ضاحكا “ساستعير ما قاله رئيس “التيار الوطني الحر” بالامس بتصرّف “والله العظيم ما كان معي خبر انو باسيل هالقد ما بيحكي الحقيقة”.