مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي، وفي ظلّ المتغيرات الحاصلة في المنطقة والتحولات في المشهد السياسي اللبناني الذي فرضته الانتخابات النيابية الاخيرة، بات استشراف الانتخابات الرئاسية ونتائجها يؤدي الى عدة احتمالات، خصوصاً وأن القوى السياسية لم تحسُم خيارها لجهة اختيار مرشحيها ولا تزال في حالة ترقّب للتطورات الاقليمية قبل البتّ في هذا الشأن. لذلك يمكن اعتبار ان الاستحقاق الرئاسي المُقبل هو واحد من أهم نتائج المفاوضات التي تدور بين الدول المعنية بالملف اللبناني.
ورغم ضبابية المشهد، يمكن حصر المرشحين للانتخابات الرئاسية والذين يمتلكون حظوظاً للفوز بها ضمن ثلاث فئات أساسية مع الإبقاء على احتمال حصول مفاجآت في الواقع السياسي أو تسويات غير متوقعة النتائج تساهم في وصول شخصيات من خارج اللائحة.
النوع الاول من المرشحين هو السياسي، وفي هذه المرحلة وبحسب توازنات المجلس النيابي لا يمكن لقوى الرابع عشر من آذار إيصال أي مرشح حزبي تابع لهذا الفريق أو أي شخصية منضوية تحت مظلّته. في المقابل، وبعيداً عن احتمالية نجاح “حزب الله” في اتمام هذه الخطوة، تبقى امكانية قوى الثامن من آذار بإيصال مرشحها الى سدّة الرئاسة الاولى موجودة ومطروحة جدياً على الساحة المحلية.
وبحسب المعطيات، لا يبدو أن في الميدان سوى رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ،مع انعدام حظوظ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بسبب خلافاته المتشعّبة مع جزء كبير من القوى السياسية الداخلية من مختلف الطوائف، في حين أن فرنجية لديه اتصالات واسعة وقد ينجح في إتمام صفقة ما مع باسيل تُثمر وصول الاول الى القصر الرئاسي في ظلّ التقبّل الدولي له في هذه المرحلة بالذات.
النوع الثاني من المرشحين هم مرشّحو التسوية، وهؤلاء يمكن أن يكونوا مشابهين للمواصفات التي كان يتمتع بها رؤساء الجمهورية بعد “الطائف”؛ وأحدهم الرئيس ميشال سليمان عند انتخابه رئيساً. وتُطرح اسماء عدّة لهذا المنصب من الشخصيات المقبولة من كل القوى السياسية والتي قد تشكّل تسوية بين القوى السياسية ووضع حد لفكرة “الرئيس القوي” التي أثبتت عدم فعاليتها.
النوع الاخير من المرشحين ينحصر بشخصية واحدة؛ قائد الجيش جوزيف عون، وهو مرشح مطروح أساساً ولا يزال كذلك حتى هذه اللحظة بالرغم من اعلان رئيس “حزب القوات” اللبنانية سمير جعجع دعم ترشيحه الامر الذي ساهم ربّما في تقليل حظوظ عون بدلاً من تعزيزها.
لكن وصول قائد الجيش الى الرئاسة الاولى ، اذا حصل،سيكون نتاج تسوية مباشرة بين “حزب الله” والاميركيين على ادارة الساحة اللبنانية ضمن توازنات معينة لا سيما في ظل علاقة عون الممتازة مع الاميركيين واللا سلبية مع “الحزب” بعكس ما يحاول البعض الرويج له.