كتب علي بردى مراسل “الشرق الاوسط” من نيويورك :غداة توصل لبنان وإسرائيل إلى مسودة اتفاق وصف بأنه “اختراق تاريخي” لتسوية نزاع حدودي بحري عمره عقود حول السيطرة على الموارد على امتداد الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، أقر مسؤولون أميركيون كبار بأنهم يتوقعون “لحظات صعبة أخرى” خلال تنفيذ هذا الاتفاق، مؤكدين أن المفاوضات لم تجر “في ظل تهديدات (حزب الله)”، ولم تتضمن مشاورات مع التنظيم المدعوم من إيران.
وأوضح مسؤول أميركي رفيع لمجموعة من الصحافيين أن الوساطة التي قادتها الولايات المتحدة في شأن النزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل “بدأت منذ أكثر من عشر سنين” في عهد الرئيس باراك أوباما ونائب الرئيس آنذاك جو بايدن، ولم تؤد إلى أي نتيجة حتى عام 2020 حين “اتخذت منعطفاً تمثل بتوقف الطرفين عن التفاوض”. ولكن إدارة الرئيس جو بايدن عاودت وساطتها في خريف 2021 وأوائل عام 2022، «في إطار السعي إلى (…) تحول نموذجي من شأنه أن يسمح بتحقيق اختراق” تمثل خلال الأسابيع القليلة الماضية باتفاق كل من الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية مع الولايات المتحدة “على إنهاء هذا النزاع”. وشدد على أن هذا الاتفاق «ليس ثنائياً» بين لبنان وإسرائيل، بل من خلال الولايات المتحدة. لكنه “يرسم حداً يسمح لكلا البلدين بمتابعة مصالحهما الاقتصادية من دون نزاع”.
– لا اتفاق مباشراً
هذا ما كشفه مصدر أميركي آخر عندما أوضح أن ما حصل هو «اتفاقان منفصلان»، الأول بين الولايات المتحدة وإسرائيل والثاني بين الولايات المتحدة ولبنان، «عوض الاتفاق المباشر» بين إسرائيل ولبنان.
وإذ أشار المسؤول الأميركي الرفيع إلى الاتصالين اللذين أجراهما الرئيس بايدن الثلاثاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس اللبناني ميشال عون، فقد أكد أن ما حصل سيكون لمصلحة لبنان الذي “يعاني أزمة اقتصادية كبيرة – تشمل كل قطاعات الاقتصاد”، مضيفاً أنه “من دون معالجة أزمة الطاقة والكهرباء، يستحيل رؤية أي أمل في التعافي الاقتصادي”. وأكد أن هذا الاتفاق سيوفر للبنان “إمكانات جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر”، ولا سيما في قطاع الطاقة، فضلاً عن “البدء في استكشاف الموارد الهيدروكربونية في البحر الأبيض المتوسط باعتبارها الدولة الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط التي لم تفعل ذلك بعد”.
وكذلك لفت إلى أن إسرائيل “نجحت للغاية” في تطوير موارد غاز وموارد هيدروكربونية كبيرة في البحر الأبيض المتوسط، والاتفاق مع لبنان “سيوفر لها نوعاً من الأمن والاستقرار”، علما بأن التصدير يجعلها “جزءاً من الحل العالمي والأوروبي لأزمة الطاقة”. وأكد أن “المفاوضات لم تكن سهلة”، متوقعاً أن “تكون هناك لحظات صعبة أخرى” خلال تنفيذ هذا الاتفاق، موضحاً أن الولايات المتحدة “ستواصل تقديم مساعدتها في تسهيل أي مناقشات في المستقبل”.
ورداً على سؤال حول أثر التهديدات التي أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله على المفاوضات والاتفاق، قال المسؤول الأميركي الرفيع إن «حقل كاريش ليس في المنطقة المتنازع عليها”، مشدداً على أن “المفاوضات لم تجر في ظل (…) التهديدات”، علما بأن الولايات المتحدة “دعمت دائماً حق إسرائيل في تطوير كاريش»، على أن يكون حقل قانا ضمن الحدود البحرية اللبنانية. وتوقع توقيع البلدين على الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ «في أسرع وقت ممكن”. وأكد أن “المفاوضات التي أجريت بوساطة أميركية لم تتضمن مناقشات مع (حزب الله)”.
– مستثنى من العقوبات
وسئل عن اتفاق خط الغاز العربي، فأجاب أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن “استيراد الغاز من مصر عبر الأردن، وصولاً إلى لبنان، هو تطور إيجابي بالنسبة لبنان” الذي “لا يزال عليه اتخاذ بعض الخطوات”، بالإضافة إلى «خطوات البنك الدولي بعد ذلك”. وقال: “سنقوم بإجراء مراجعة نهائية في الولايات المتحدة للتأكد من أنها تتماشى مع العقوبات الأميركية”، في إشارة إلى “عقوبات قيصر” ضد سوريا، معبراً عن «ثقته بأنه يمكننا توصيل الغاز إلى لبنان على أساس سريع إلى حد ما إذا اتخذت بالفعل خطوات الإصلاح التي التزمها لبنان”.