كتب صلاح سلام في” اللواء”: توقيع الرئيس ميشال عون شخصياً اتفاق الترسيم البحري مع العدو الإسرائيلي كان هو الحدث بل والمفاجأة، لأنه لم يسبق أن طُرحت إمكانية التوقيع من أي طرف سياسي، حتى لا يحمل الإتفاق أي إيحاء أو تفسير يميل إلى مفاهيم التطبيع.
لقد دافعت السلطة عن عدم التصويت على الإتفاق في مجلس الوزراء، تجنباً لإضفاء أي طابع تطبيعي، ولإبقاء المسألة في الإطار التقني البحت.
كما صُرِف النظر عن عرض الإتفاق على مجلس النواب حتى لا تُفسر موافقة المجلس بأنها تبنى لرياح التطبيع التي أطلقتها الصيغة التي وضعها الوسيط الأميركي، ذات الأصول الإسرائيلية، عاموس هوكشتاين.فماذا بدا ما عدا حتى يضع رئيس الجمهورية، وقبل ساعات من إنتهاء ولايته، توقيعه على اتفاق حرص أهل الحكم على الترديد ليل نهار، في فترة المفاوضات، بأن هذا الملف تقني بحت، وسيتولى رئيس الفريق العسكري المفاوض التوقيع على الصيغة النهائية التي سيتم التوصل إليها مع الجانب الإسرائيلي.
يبدو أن الرئيس عون أصبح أكثر إقتناعاً من أي وقت مضى، بأن عهده إنتهى ولم يستطع تحقيق إنجاز واحد، يذكر بالخير السنوات الست العجاف التي أمضاها في بعبدا، وأوصلت البلاد والعباد إلى جهنم الإفلاس والإنهيارات المتتالية في مختلف القطاعات الحيوية والمعيشية، فكان لا بد له من ترك توقيع، وليس بصمة، على ورقة الإتفاق، حتى ينسب لشخصه ولتياره السياسي إنجاز دخول لبنان نادي الدول النفطية.
وإذا عطفنا على هذه المفاجأة السياسية بإمتياز، ما كان يتردد عن تنازلات وتسهيلات كان يقدمها لبنان بإيعاز من الرئيس، مقابل وعود أميركية عرقوبية برفع العقوبات عن «الصهر العزيز» جبران باسيل، علّ ذلك يمسح العقبات التي تعترض مجرد ترشحه للرئاسة الأولى، يتبين لنا أن حرص الرئيس على التوقيع شخصياً، لم يأتِ من فراغ، رغم ما يحمله من مجازفة بوضعه في خانة التطبيع مع العدو الإسرائيلي.