كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: يبدو أنّ شركة “توتال” الفرنسية قد بدأت سريعاً بالإيفاء بما وعدت به عبر الوفد الرفيع المستوى الذي زار لبنان في 18 تشرين الأول الفائت، وذلك قبل توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي في 27 منه. فقد أطلع أعضاء وفد الشركة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون آنذاك على الاستعدادات التي تجريها الشركة في لبنان، تمهيداً لبدء التنقيب في البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب، بعد إنجاز المعاملات والإجراءات الإدارية اللازمة. كما وعد باستقدام منصّة الحفر ابتداء من العام 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب وفق النصوص الواردة في الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان. ومع إعلان “توتال إنرجي” أخيراً وشريكتها “إيني” الإيطالية في “كونسورتيوم الشركات” الذي لزّمه لبنان العمل في البلوكين 4 و9، أنّها ستطلق أنشطتها الاستكشافية عن النفط والغاز على خط الحدود البحري بين الجانبين، لا سيما بعد توقيعها “إتفاقية إطار” مع العدو الإسرائيلي، يمكن القول انّ عملية الاستكشاف في حقل “قانا” قد انطلقت، وانّ “توتال” تسير على السكّة الصحيحة حتى الآن. فما الذي سيجنيه لبنان من هذه الانطلاقة؟
أوساط ديبلوماسية مواكبة لاتفاقية ترسيم الحدود، رأت أنّ إعلان شركة “توتال إنرجي” الفرنسية عن إطلاق أنشطتها الاستكشافية في البلوك 9 أي في حقل “قانا”، يعني أنّ اتفاقية الترسيم التي وقّعها لبنان الشهر الماضي مع العدو الإسرائيلي بوساطة آموس هوكشتاين، قد دخلت حيّز التنفيذ، ولم يعد هناك من مجال لنقضها من قبل رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو، على ما كان يهدّد قبل عودته الى رئاسة الحكومة. أمّا اتفاقية الإطار التي وقّعتها “توتال” فتهدف الى دفع العائدات المالية لـ “الإسرائيليين” من حصّتها، فيما ستقوم بالتنقيب عنه من غاز ونفط محتملين في حقل “قانا”.
وتقول الاوساط انّ مجرّد بدء “توتال” عمليات التنقيب والاستكشاف، فإنّ لبنان يستفيد تلقائياً من هذه الخطوة، لأنّه سيكون على بيّنة ممّا يحويه حقل “قانا” في البلوك 9 الذي سُمي بـ “المكمن المحتمل” في اتفاقية الترسيم، من دون تسميته، كون “الإسرائيلي” يعتبره “امتداداً لحقل كاريش”. أمّا الاستفادة المادية فتصبح ممكنة بعد 3 سنوات من بدء عمليات التنقيب، وصولاً الى الحصول على جميع العائدات المالية من الغاز والنفط بعد 7 أو 8 سنوات.وإذا كانت اتفاقية الترسيم تعتبر أنّ حقل “قانا” لا يزال “مكمناً محتملاً” إذ لا يُمكن تسميته “حقلاً” قبل التأكّد من وجود الغاز والنفط فيه، ذكرت الأوساط عينها أنّه في العام 2002، تعاقدت الحكومة اللبنانية مع شركة “سبكتروم” البريطانية، وقد أجرت مسحاً ثنائي الأبعاد غطّى كامل الساحل اللبناني، وأشارت في تقريرها الى احتمال فعلي لوجود النفط والغاز. وبعد ذلك، قامت الشركة النروجية “جي.آي.أس” بأعمال البحث من خلال قيامها بمسح ثلاثي الأبعاد في الموقع نفسه. وكلّ ذلك يؤكّد وجود الغاز والنفط في البلوك 9 بشكل مبدئي، الأمر الذي شجّع شركة “توتال” على توقيع عقد مع لبنان للتنقيب فيه.
وتحدّثت الأوساط عن أنّ الحقل الإفتراضي تبقى حدوده ومساحته غير معروفة أو محدّدة، لهذا ينتظر لبنان بدء “توتال” بأعمالها لتحديد التفاصيل المتعلّقة بـ “حقل قانا” اللبناني، وبعدد الآبار النفطية وبالكمية التي تحتويها من الغاز. ولأنّ حدود الحقل غير معروفة بعد، لا بدّ لـ “توتال” من أن تبدأ بالتنقيب في الجهتين اللبنانية و”الإسرائيلية”، كونها قد وقّعت عقداً مع كلّ من الجانبين على حدة. فإذا تمّ العثور على غاز في البلوك 9 خارج الخط 23، يكون للعدو الإسرائيلي حصّة فيه، وإذا لم يُعثر فلن تكون “توتال” مجبرة على دفع أي تعويضات له. كذلك فإنّها ستلتزم بالعقد الموقّع مع لبنان منذ سنوات، والذي ينصّ على بدء عمليات التنقيب في منطقة محدّدة في البلوك 9 تبعد 25 كلم عن الخط 23 الحدودي، فضلاً عن التنقيب مباشرة عنده باتجاه المنطقة البحرية اللبنانية شمالاً. عندئذ ستتمكّن من معرفة إذا كان هناك وجود لحقل “قانا” فعلياً، وما هي مساحته تحديداً، وفي أي اتجاه تمتدّ. على أنّ هيئة قطاع البترول في لبنان ستتلقى تباعاً المعطيات التي تتوافر لدى “توتال” خلال عمليات التنقيب.