مَن يتابع معارك “طواحين الهواء” التي يخوضها ” التيار الوطني الحر” ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمنعه من عقد جلسة لمجلس الوزراء بحجة الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية، يخال اليه للحظة أن ميقاتي يقف أمام القاعة العامة لمجلس النواب حاملا العصا لمنع “نواب التيار” من الدخول لممارسة حقهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ومَن يتابع التسريبات الاعلامية” المجهولة المعلومة” المسرّبة منذ يوم أمس عن اجتماع رئيس الحكومة “مع الخليلين” وعن نصيحة وجهت له للتريث في دعوة الحكومة الى الانعقاد، ومفادها “روق علينا”، يخال ان مطلقي النصيحة عادوا حديثا الى البلد وليسوا في أجواء الازمات والنكبات الخطيرة التي يعاني منها البلد والتي توجَّه كل سهامها الى الحكومة والى رئيسها تحديدا، أو أن هؤلاء ” الناصحين” كانوا يستمتعون بشرب القهوة او بـ” نَفَس اركيلة” وجاء ميقاتي ليعكر عليهم صفو الجلسة.
وفي المقلب الاخر، يقف” الفريق المسيحي المعارض” مقتنعا ضمنا بصوابية استمرار عمل المؤسسات ومن ضمنها مؤسسة مجلس الوزراء لتعويض الفراغ الرئاسي، ورافضا علنا للجهر بهذا الموقف، خوفا من “مزايدات التيار الوطني الحر” وحملات المؤيدين له. وعلى رأس هذا الفريق من يجب أن يكون صاحب كلمة الحق والعدل، ولكنه يتجاهل عمدا قول السيد المسيح “ليكن كلامكم نعم نعم او لا لا”، فيطلق مواقف “حسب الموسم”، او بتأثير من آخر الزوار قبل موعد الكلام، او حسب “أجواء الرحلة والرعية”.
وسط هذه الصورة الملبدة بالاهواء والامزجة السياسية، يقف رئيس الحكومة وحيدا أمام ضميره يواصل عمله الدستوري، انطلاقا من مسؤولياته الوطنية والاخلاقية والدستورية وقناعاته الشخصية، متحمّلا وعائلته سهام الحملات المعروفة المصدر و”الابتزاز المر”. ولكن المقربين اللصيقين منه باتوا على قناعة انه “صار الوقت” ليكشف كل الحقائق ويرد على كل النقاط، لوضع الامور في نصابها.
ويستعيد المقرّبون من رئيس الحكومة مشهدية سابقة، اعتقد البعض انه لن يقدم عليها ، لكنه اقدم وقال ما يجب قوله ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وها هو يستعد مجددا لتكرار الموقف واتخاذ القرارات المناسبة، أمام ضميره والتاريخ.
ولعل ابرز ما سيقوله “هذا ما فعلته وما سافعله” وكفى.