في ظل الأجواء الملبدة بكثير من التساؤلات حول مستقبل لبنان ومصيره على يد سلطة تتقاتل على ما تبقى من البلد، وتحكم وفق مبدأ تحصيل المكاسب والمغانم حتى أنها باتت أسيرة مصالحها وأنانيتها، شيّع لبنان الرسمي والشعبي، رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني في دارته ببلدة شمسطار، وسط أجواء جمعت بين الحزن على فراقه والذكريات التي رافقت مسيرة حياته الحافلة بالمواقف الوطنية، وتواصله مع أطياف المجتمع اللبناني كافة، واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تقدم المشيعين بصفته الشخصية، وممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه “اكراماً له يجب أن نسعى دائماً الى متابعة تنفيذ اتفاق الطائف كاملاً بعيداً عن الانتقائية. وإنني على ثقة أن هذا النهج هو الذي يوصل لبنان الى شاطئ الأمان”.
الحداد الوطني على رحيل عراب الطائف بحيث نكست الأعلام المنكسة أصلاً على الوضع المهترئ والمزري الذي وصلت اليه البلاد والعباد، انسحب على المؤسسات الرسمية المغيّبة عن المشهد السياسي حيث لا راية ترفرف فوق راية التعطيل والشغور والفراغ. وبما أن الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية أصبحت معروفة المسار والمصير، تتجه الأنظار الى الجلسة الحكومية التي سيدعو اليها الرئيس ميقاتي مطلع الأسبوع المقبل، اذ أن حركة الاتصالات تنشط خلف الكواليس لتسهيل المسار الوزاري، ويبحث حالياً في تقليص بنودها أو حصرها ببند واحد ملح يتعلق بملف الكهرباء الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد وعلى الناس في مختلف القطاعات، وفق ما قال مصدر مطلع لـ “لبنان الكبير”. في حين تحدثت المعلومات عن أن “حزب الله” سيبلغ ميقاتي مشاركة وزرائه في جلسة مخصصة للبحث في ملف الكهرباء لتسيير شؤون الناس، ورئيس الحكومة منفتح على كل الطروحات، ويدرسها بتأن لأنه في النتيجة، الهدف من الجلسة الحلحلة وليس التعقيد. ورفض أحد نواب “التيار الوطني الحر” التعليق على مشاركة الحزب للمرة الثانية في الجلسة الوزارية بانتظار اتضاح الصورة، والمسارات التفاوضية، والقرارات النهائية.
من جهة ثانية، لفتت الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت للقاء عدد من المسؤولين، وأشار أحد المحللين الى أنها تهدف الى تثبيت الهيمنة الايرانية على لبنان في وقت تواجه فيه ايران أزمة كبيرة، وهناك كلام عن استقالات ونفي لذلك، كما هناك أزمة في الدول التي تعتبر خاضعة لهذا المحور وصولاً الى لبنان والعجز في ادارة الملف اللبناني بحيث أن “حزب الله” غير قادر على ادارة الملف اللبناني وطرح الحلول، وكل ما يقوم به اليوم التعطيل أو الوساطة بين الأفرقاء. وبالتالي، زيارة الوزير الايراني الى بيروت في هذه الظروف الصعبة التي فيها تهديدات على مستوى المنطقة وصراع أوروبي – ايراني، ضرورية للتنسيق بين الحزب والايرانيين حول العديد من المسائل .
الى ذلك، صدر عن الاجتماع الوزاري للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على مستوى وزراء الخارجية، بيان شدد فيه الجانبان على أهمية أمن لبنان واستقراره، داعيين “القوى السياسية الى تحمل مسؤوليتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والاسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبناني في الاستقرار السياسي والاصلاح الاقتصادي الذي يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة”.
على صعيد آخر، نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بالامس، تجمعاً أمام قصر العدل احتجاجاً على محاولات تعيين قاضٍ رديف في تحقيقات المرفأ، تزامناً مع جلسة لمجلس القضاء الأعلى لتأمين مُتابعة التحقيقات التي كان من المقرر أن تُعقد عند الساعة 11، لكن لم يكتمل نصاب انعقادها. وفي وقت تحدثت المعلومات عن وصول مراسلة فرنسية إلى وزارة العدل تتضمن الابلاغ عن زيارة لقاضيين فرنسيين مع احتمال أن ينضمّ إليهما خبير جنائي من الشرطة الفرنسية، وتطلب تحديد موعد للزوار مع المشرفين على التحقيقات في المرفأ، للاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني، أكد الأهالي أن وفداً منهم سيزور الفاتيكان قريباً، ويلتقي البابا فرنسيس الذي سيتابع شخصياً مطلبهم بسحب الملف من القضاء اللبناني، وفتح تحقيق دولي به عبر قرار من مجلس الأمن.
وفيما شدد عدد من الأهالي لموقع “لبنان الكبير” على أن التصعيد عنوان المرحلة المقبلة، وأن التحرك سيكون في الداخل والخارج للوصول الى الحقيقة، كشف مصدر دستوري مطلع في تصريح لـ “لبنان الكبير” أن أساس المشكلة يكمن في أن ما من قاضٍ مسيحي قبل أن يكون محققاً رديفاً باستثناء قاضٍ واحد محسوب على “التيار الوطني الحر”، وذلك بعد أن عرض الأمر على 12 قاضياً مسيحياً لأنه وفق العرف وليس القانون، يجب أن يكون المحقق العدلي مسيحياً خصوصاً أن المنطقة المتضررة من الانفجار ذات طابع مسيحي.
ولفت أحد الدستوريين الى أن “تعيين المحقق الرديف مخالف للقانون. ويجوز لرؤساء غرف التمييز بالانتداب أن يشاركوا في الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ويصدر قرار عن هذه الهيئة بقبول أو برد دعوى مخاصمة القضاة. وهذا أيضاً يعالج مشكلة التعيينات. ومن الأجدى أن يذهب أهالي الضحايا في هذا الاتجاه. والقضاة الفرنسيون سيواجهون المشكلة نفسها. ومن الصعب والمستبعد جداً أن يصدر مجلس الأمن قراراً بإنشاء محكمة خاصة بلبنان”.
وفي اطار آخر، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على 15 موظفاً ومعقب معاملات وأشخاص آخرين يعملون في مطار رفيق الحريري الدولي، بجرائم اختلاس أموال عامة وتزوير واستعمال المزور وتقاضي رشى والإثراء غير المشروع، وأحال الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا.