على وقع البيانات والبيانات المضادة تكاثرت الأخبار والروايات والسيناريوهات التي تحاول رسم معالم الملف الرئاسي والمرحلة التي وصل اليها، بعد اشهر صعبة جداً من الشغور الذي يترك في كل يوم تبعات كبيرة جداً ومتتالية على مختلف مقومات الحياة في لبنان.
فالشغور الرئاسي الواقع اليوم، وعلى عكس الشغور الذي شهده لبنان في الفترة التي سبقت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبلاد، قد يؤدي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، الى اضمحلال مرافىء عامة وقطاعات خاصة وحيوية والى تحوّلها الى ما يشبه “مصلحة سكك الحديد”.
وعلى الرغم من هذا الواقع، ومن اتجاه لبنان بشكل رسميّ للسير في انفاق “سكك الحديد” المظلمة والمقطعة الأوصال، ما زال يصّر البعض على اللعب في الوقت الضائع، بحثاً عن نتائج ترضي طموحات حزبية ضيقة ولا تمت الى المصلحة العامة بأي صلة.
وفي ظل تعويل البعض على الوقت الضائع، الذي قد يحسّن من شروطه وحضوره برزت الى العلن عملية الأخذ والرد بين “عين التينة” ورئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض، وما بدا لافتاً في هذه العملية التي اتخذت مساحة واسعة في الاعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، هو الرد الجنبلاطي الذي أمال النظر عن الكثير من التعابير التي اطلقتها البيانات، وأدخل البلاد في مرحلة جديدة من محاولة البحث عن تحديد دقيق لموقف المختارة الجديد من الملف الرئاسي.
فالبيان الذي صدر عن مفوضية الإعلام في”الحزب التقدمي الاشتراكي”، حاولت بعض المصادر المقربة من “الاشتراكي” الايحاء بأن تفسيره يقع في اطار المحافظة على الثوابت الوطنية وعلى ضرورة التخاطب اللائق بين مختلف الأفرقاء، بالاضافة طبعا الى التجديد الدائم لاهمية الحوار بين اللبنانيين.
في هذا الاطار، أكد مرجع مطلع لـ “لبنان 24″ ان ” البيان الذي صدر عن (الحزب التقدمي الاشتراكي)، يمكن وضعه في خانة محاولة الانتقال السلسة التي يسعى لتحقيقها وليد جنبلاط، اذ ان (الاشتراكي) ومنذ الجلسة الانتخابية الاخيرة عبّر بشكل واضح عن عدم رضاه عن الجلسات الفلكلورية التي تشهدها ساحة النجمة ملوّحاً بالمقاطعة.
وفي هذا المجال، لا بد من الاشارة الى ان من يدعو الى المقاطعة، يكون غالباً غير ممتلك لخيارٍ او مرشحٍ رئاسيّ ، قادر على ايصاله الى سدة الرئاسة.
لذلك، يمكن القول ان تخلي (المختارة ) عن رئيس (حركة الاستقلال) لم يكن قراراً مستغرباً، انما اتى وفقاً لسياق ٍ تسلسليّ وطبيعيّ الى حدً كبير”.
وعن تفسير بيان “الاشتراكي” على انه اعلان بشكل خفيّ عن دعم جنبلاط لرئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه، أشار المرجع نفسه الى انه ” لا امكانية للجزم في هذا المجال، فجنبلاط الذي يدرك بشكل احترافي كيفية اصطياد اللحظات الدولية والاقليمية، لن يقدم على خطوة من هذا النوع الا ان التقط اشارات اكيدة عن تسوية رئاسية تزيل العوائق بين بنشعي وبعبدا.
لكن ما يمكن تأكيده في هذا المجال، ان لجنبلاط معطيات جديدة غير مكتملة الاوصاف، دفعته الى التلميح وارسال اشارات غير ناضجة، في اكثر من اتجاه”.
ويختم المرجع مؤكدا انه “ما يمكن استنتاجه بشكل فعليّ من بيان (التقدمي الاشتراكي) هو ان رئيسه وليد جنبلاط ، يبدو من أكثر الأطراف اللبنانية جهوزية، للدخول في مرحلة من الحوار، مع العلم ان الحوار اصبح يشكل حالة ضرورية لا بد منها، لوضع حدّ للشغور الرئاسي الذي بدأ يمتد على أكثر من موقع وفي غير اتجاه.