شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في اللقاء الحواري مع جمعية متخرجي المقاصد الإسلامية في بيروت حول “سياسة لبنان الخارجية بين الواقع والمرتجى”، الذي عقد مساء اليوم، في مركز الجمعية في الصنائع.
وفي كلمة له، رأى حبيب أنّ “مصلحة لبنان هي عدم الإنسياق الأعمى وراء العداوات المجانية التي سترتد علينا جميعا خسارة موجعة، عندما يحين زمن التسويات السياسية”، وأضاف: “نتوسم خيراً اليوم ببشائر تبريد أحد أخطر الصراعات في الإقليم. لقد رحبنا بالاتفاق السعودي – الإيراني لإعادة إحياء العلاقات الديبلوماسية الثنائية، نظرا إلى ما سيتركه من أثر إيجابي على مجمل العلاقات الاقليمية في المرحلة المقبلة. وعليه، ينعقد الأمل في المساهمة بتعزيز ركائز الاستقرار والأمن في المنطقة، وتوطيد التعاون الإيجابي البناء والمنفعة المتوقعة منه على الجميع”.وتابع: “على مستوى علاقاتنا العربية، نسعى جاهدين ليكون لبنان حاضراً في قلب العرب وعقلهم، ونعمل جاهدين لحضور عربي فاعل في بلدنا. عملت جاهدا، منذ أن تشرفت بتولي حقيبة الخارجية، لإبعاد الوزارة عن التجاذبات السياسية والاصطفافات الداخلية، لأن سياستنا الخارجية، التي تساهم في هندستها هذه الوزارة ويضعها مجلس الوزراء، تكون محصنة وفاعلة بقدر ما نحيطها بإجماع وطني. وفي المقابل، يدب فيها الوهن، وتصبح مجرد وجهة نظر لفريق داخلي، لا تؤخذ على محمل الجد بين الدول والأمم، كلما أقحمناها في زواريب المتاريس السياسية الداخلية. وخير مثال على ذلك، ما أنجزه لبنان في مسألة ترسيم حدوده البحرية. فقد تكاملت وحدة الموقف الرسمي الداخلي، والجهوزية والردع العملاني في جنوب لبنان في دعم المفاوض الرسمي، إضافة إلى الدور الفعال والنزيه للوسيط الأميركي، في وصول الأمور إلى خواتيمها المرجوة. كما ساهمت وزارة الخارجية بإبداء المشورة حينا، والنصح حينا آخر، ونقل الرسائل والأجواء والانطباعات أحيانا أخرى، مما ساعد على تخطي الصعوبات وتذليل العقبات”.أضاف: “إن خارطة طريق وقف الانهيار السريع تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل غدا. ولعل الشغل الشاغل لجميع اللبنانيين، ومصدر تكهناتهم وتحليلاتهم هوية واسم الرئيس العتيد، ومن هو مرشح هذه الدولة الأجنبية أو العربية. لقد لمست في كل أسفاري الخارجية، ولقاءاتي الداخلية مع كبار الزائرين خلال الأشهر المنصرمة، وقبل وبعد انتهاء الولاية الرئاسية، حرصا وخوفا دوليا على مستقبل لبنان وأهله يفوق أحيانا حرص بعض أهل السياسة على مستقبل بلدنا. أما الملاحظة الثانية التي استوقفتني، فهي أن الدول المؤثرة والمعنية العربية والأجنبية ترفض لتاريخه تبني مرشح معين لرئاسة الجمهورية، تجنبا ربما من هذه الدول لعدم تحمل تبعات هذا الخيار أو ذاك”.وتابع: “إضافة إلى الفراغ الرئاسي القاتل، لبنان مهدد اليوم تهديدا وجوديا آخر يصيبه مقتلا، ويضرب صيغته القائمة على شعور جميع أبنائه بغض النظر عن انتماءاتهم، بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، بخلاف دول أخرى حول العالم لا تشعر فيها الأقلية، مسيحية كانت أم إسلامية، بالمساواة مع الأكثرية الموجودة في هذه الدول”.وأردف: “لبنان اليوم، مجمع على أنه حان الوقت لوضع خارطة طريق لعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين إلى ديارهم، بالتعاون مع المجتمع الدولي، أي الدول التي تمول المنظمات الدولية والأهلية العاملة مع النازحين السوريين، لأننا لم نعد قادرين، في ظل أقصى أزمة اقتصادية نواجهها في تاريخنا الحديث، على انتظار الحل السياسي في سوريا لبدء العودة الآمنة للاجئين إلى ديارهم. وتزداد مخاوفنا بعدما تبين لنا أن المجتمع الدولي، ليست لديه خطة متكاملة أو رؤية توفر حلا سريعا للأزمة السورية، وذلك قد يحول الدعم المستمر لبقاء النازحين في لبنان، إلى مشروع مماثل لمنظمة “الأونروا” التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين منذ 75 عاما، وتصارع لتأمين الموارد الشحيحة للقيام بعملها”. وقال: “إن موضوع اللجوء يتخطى البعد المادي على أهميته، ليطال جوهر الرسالة اللبنانية في تنوعها ومساواتها بين مكوناتها. فلبنان نقيض الأحادية، وعندما تطغى فئة منه أو طائفة على غيرها، يفقد علة وجوده. فلكل هذه الأسباب، يوجد اليوم اجماع لبناني على عدم دفن رأسنا في الرمال وضرورة البدء بحل هذه الأزمة”.