الحكومة ماضية بالتحضير لها.. ما موقف القوى السياسية من الانتخابات البلدية؟!

6 أبريل 2023
الحكومة ماضية بالتحضير لها.. ما موقف القوى السياسية من الانتخابات البلدية؟!


 
مجدّدًا، أكّدت الحكومة بما لا يدع مجالاً للشكّ مضيّها بإجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها الدستورية، التي حدّد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي تواريخها الدقيقة بشكل رسمي، فاتحًا باب الترشيحات على مصراعيه، توازيًا مع دعوة الهيئات الناخبة للمشاركة في هذا الاستحقاق، تطبيقًا للقانون المرعي الإجراء، خصوصًا أنّ “مفعول” قانون التمديد الذي أقرّه مجلس النواب العام الماضي، ينتهي في شهر أيار المقبل.

Advertisement

 
وتوازيًا مع الخطوات “العملية” التي اتخذها وزير الداخلية، جاءت مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتؤكد المؤكد، حيث جزم أمام زواره أنّ الانتخابات ستجري في مواعيدها، وأن “لا تراجع عن هذا الاستحقاق”، معتبرًا أنّ التشكيك من قبل البعض بنيّة إجراء الانتخابات “هو شأنه”، مع تأكيده في الوقت نفسه على أنّ مجلس النواب “سيّد نفسه”.
 
لكن، رغم كلّ ما سبق، فإنّ المتابع للكواليس السياسية في اليومين الماضيين يستنتج بأنّ “الغموض” لا يزال يحيط بالاستحقاق البلدي، باعتبار أنّ دعوة الهيئات الناخبة وفتح باب الترشيحات، خطوات أساسيّة ومهمّة، لكنّها غير كافية، إذا ما لم تقترن بالإرادة السياسية الجدّية، ما يطرح السؤال: ما موقف القوى السياسية من الانتخابات البلدية؟ هل ترغب بها فتيسّر حصولها، أم ترفضها فتطيّرها عاجلاً أم آجلاً؟!
 الحكومة تقوم بواجباتها
 
رغم أهمية الخطوات التي اتخذها وزير الداخلية والبلديات لجهة تأكيد تصميمه على تنفيذ تعهد الحكومة بإجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها، تمامًا كما تعاملت مع الانتخابات النيابية في العام الماضي، ثمّة من رأى أنّها لا تشكّل “دليلاً كافيًا” على أنّ الانتخابات ستحصل بالفعل، وذهب لحدّ اعتبارها مجرّد “رفع للمسؤولية القانونية” عن كاهل الوزارة، علمًا أنّ هناك “سوابق” حصلت، حيث دعيت هيئات ناخبة من دون أن تجري انتخابات.
 
وفيما يعزو أصحاب هذا الطرح “المشكّك” موقفهم “المتشائم” إلى أكثر من معطى، بينها ما هو سياسي ربطًا بعدم وجود رغبة “صادقة” لدى القوى السياسية بإنجاز الانتخابات، وما هو “تقني” ربطًا بعدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لتمويل الاستحقاق البلدي، يقول العارفون إنّ الحكومة ليست معنيّة بهذا “الجدل”، فهي تقوم بواجباتها الدستورية كاملة.
 
ويشدّد العارفون انطلاقًا من ذلك، على أنّ جميع القوى السياسية يجب أن تكون مستعّدة لأنّ احتمال حصول الاستحقاق “قائم بقوة”، طالما أنّ العدّ العكسي قد بدأ، والحكومة ماضية بالتحضيرات، علمًا أنّ “سيناريو” الانتخابات النيابية قد يتكرّر بهذا المعنى، حيث يذكر اللبنانيين، كيف كان الجميع يصرّ على التعامل مع الاستحقاق على أنّه “مؤجَّل”، قبل أن يقتنعوا بالعكس في اللحظات الأخيرة، نتيجة قرار الحكومة بإجرائها مهما كلّف الأمر.
 
موقف القوى السياسية
 
مع ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ “التشكيك” قد يكون في مكانه للكثير من الأسباب، قد لا يكون التمويل الذي يمكن تأمينه، رغم كلّ المعوّقات، من أبرزها وأهمّها، ولا الصعوبات اللوجستية التي يتحدّث عنها الكثيرون، بدءًا من تأمين مستلزمات أقلام الاقتراع، إلى تحضير موظفي الأقلام وتجهيزهم وتدريبهم، فضلاً عن تأمين الأوراق المطلوبة من المواطنين، من إخراجات القيد إلى بطاقات الهوية، في ظلّ الأزمات المتفاقمة على أكثر من مستوى.
 
كلّ هذه العوامل يمكن تجاوزها وتأمين المَخارِج الملائمة لها، كما يقول المتابعون، إلا أنّ “المعضلة الأبرز” تبقى في موقف القوى السياسية التي يقول العارفون إنّها، بمعظمها، أو ربما بالإجماع، غير راغبة ولا مستعدّة لاستحقاق بحجم الانتخابات البلدية في هذا التوقيت، علمًا أنّ ما يسري على الانتخابات النيابية لا يسري بالضرورة على الاستحقاق البلدي، الذي يطغى عليه الطابع المحلي والإنمائي، الذي لا يلعب لصالح هذه القوى السياسية.
 
وفيما يشير العارفون إلى أنّ ما يعزّز هذا الاعتقاد أنّ القوى السياسية بمعظمها لم تفعّل حتى الآن ماكيناتها الانتخابية، مع بعض الاستثناءات الخجولة والمتواضعة، لا يستبعدون احتمال اتفاق القوى السياسية على تأجيل يأخذ طابعًا “تقنيًا”، استنادًا إلى ضرورة إجراء بعض التعديلات على القانون الانتخابي، سواء في ما يتعلق ببلدية بيروت مثلاً، أو ما يرتبط بالإنفاق الانتخابي، على ضوء الأزمة الاقتصادية والمالية، وارتفاع سعر الصرف.
 
بالنسبة إلى الحكومة، الانتخابات البلدية حاصلة في مواعيدها، والتحضيرات لها انطلقت، رغم كلّ المعوّقات والصعوبات. لكنّ الكرة هي في ملعب القوى السياسية، التي يقول البعض إنّها “متوافقة ضمنًا” على الرغبة بالتعطيل، ولو أنّها تحاول “تقاذف كرة المسؤولية” بشكل أو بآخر، علمًا أنّ طريق التأجيل لا بدّ أن تمرّ من خلال مجلس النواب المعطَّل والمشلول، عبر جلسة تشريعية، لا تزال “مرفوضة” من قبل الكثيرين!