لبنان مسرح لـ «البريد بالنار»… أي رسائل ولمَن؟

9 أبريل 2023
لبنان مسرح لـ «البريد بالنار»… أي رسائل ولمَن؟


كتبت صحيفة ” الراي” الكويتية: . سواء كان العنوان، أن «المسجد الأقصى لن يُترك وحيداً»، أو إعادة «توازن الردع» بعد تمادي إسرائيل في غارات «دورية» في العمق السوري ضدّ مواقع للحرس الثوري الإيراني و«حزب الله»، أو رسْم «خط نار» متقدّم بإزاء أي ترجمةٍ لتهديداتٍ وتقديراتٍ بإمكان أن تندفع تل أبيب نحو ضرب المنشآت النووية إيرانية، فإنّ الأكيدَ أن التحريكَ الأكثر دراماتيكية للجبهة الجنوبية اللبنانية دشّن مرحلةً جديدةً تحت سقف «تَضامُن الجبهات» ضمن المحور الإيراني أو وحْدتها.

وبعد مرور يوميْن على استعادة الجنوب دورَ «ملعب النار» عبر زخّةِ الصواريخ «المضبوطة الضَرَر» التي استهدفتْ المقلب الاسرائيلي، والردّ «المنضبط» في الجانب اللبناني، لم تخرجْ بيروت من تحت تأثيرِ صدمةِ الانفلات الواسع للحدود اللبنانية التي بدت «سائبةً» لمنصاتٍ أطلقتْ أكثر من 30 صاروخ «كاتيوشا» و«غراد»، اتّهمت تل أبيب، «حماس» بالوقوف، وراءها من دون أن تنفي الحركة ذلك رسمياً، في الوقت الذي كان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية وصل إلى لبنان عشية «الضغط على الزناد».
ومع «ثبوت» أن هجوماً صاروخياً بهذا الحجم يستحيل أن يكون حصل بمعزل عن «حزب الله» الذي يقيس كل خطوة باتجاه اسرائيل و«يحسب النَفَس» الذي يتم أخْذه على الحدود أو عبْرها بما يتلاءم مع مقتضيات عدم رغبته في وقوع حربٍ ومع إدراكه أن تل أبيب باتت تحسب «انتصاراتها» وفق معيار، «حققنا هدف تجنب الاشتباك مع حزب الله»، فإن الأكيد أن ما شهده الجنوب يوم الخميس لم يكن بأي حال «صواريخ طائشة» من عيارِ ما سبق أن أُطلق من «أرض القرار 1701» إبان محطات ساخنة عدة، أكان في غزة أو في المسجد الأقصى.
لبنان استعاد بقوةٍ وفي غفلة من الأجندة الداخلية المأخوذة سياسياً بالأزمة الرئاسية المستحكمة، دورَ «صندوقة البريد» وهذه المَرة بـ «البندقية الفلسطينية» التي استحضر خصومُ «حزب الله» بإزائها مرحلة ما عُرف بـ «العمل الفدائي» في جنوب لبنان قبل الحرب الأهلية التي شكل العاملُ الفلسطيني أحد فتائلها، مبدين الخشيةَ من «حماس لاند» (عوض «فتح لاند» التي تسيّدت أواخر الستينات) ترتسم بـ «رعاية الحزب» وبتوزيع أدوارٍ دقيق، وصولاً إلى مُطالَباتٍ للسلطات اللبنانية بتوقيف هنية.وراوحت التحليلات الأكثر واقعية لخفايا تحريك الجبهة اللبنانية – الاسرائيلية بين:- اعتبارها تنويعاً لمصادر الردّ على الاستهدافات التي تكثّفت أخيراً من اسرائيل ضدّ مواقع للحرس الثوري و«حزب الله» في سورية ومحاولة إرساء «توازن رعبٍ» يُلاقي عمليات «الذئاب المنفردة» التي تُنفّذ داخل الكيان الاسرائيلي، وبعضها نوعيّ وارتفعتْ وتيرتها أخيراً.- أنها «جرس إنذار» مبكر إزاء أي «سوء تقدير» اسرائيلي لإمكان أن تمرّ أي ضربة لإيران تستهدف برنامجها النووي من دون إشعال «جبهات المحور» كلها.وهاتان القراءتان تقاطعتا، عند أن هوامش الردّ أو التحذير التي تملكها طهران ضاقت جغرافياً، بعد «تَفاهُم بكين» مع السعودية،ما يجعل إيران تستخدم الساحة اللبنانية، وإن كانت أوساط أخرى اعتبرتْ أن «الوجه الآخَر» لهذا الاستنتاج يعني أنه يخطىء مَن يعتقد أن طهران التي «تبذل كل جهد» لكسْب رضى الرياض ودول الخليج فقدتْ القدرة على المناورة والإمساك بزمام الأمور في ما خص ما تعتبره المَخاطر الاستراتيجية أو مشروعها الكبير.