شكل قرار وزراء خارجية جامعة الدول العربية، استئناف مشاركة وفود سوريا باجتماعات مجلس الجامعة وكل الأجهزة التابعة لها الحدث الابرز والمتوقع ان يترك انعكاسا كبيرا على مجمل المشهد السياسي.
وكتبت” النهار”: باستثناء القوى الحليفة أو المرتبطة تقليديّاً بالنّظام السوري لم ينزل قرار مجلس الجامعة العربية أمس بإعادة عضويّة سوريا إلى الجامعة العربية برداً وسلاماً على قلوب معظم اللبنانيين علما ان العودة هي مكسب خالص للنّظام السوري بلا أيّ ضمانات حاسمة بأنّه سيلتزم ما تضمّنه قرار العودة من شروط وموجبات. ذلك أن هذا القرار، ولو كان متوقّعاً في ظلّ الخطوات التي سبقته من جانب عدد من الدّول العربية التي أعادت تشريع باب التّواصل مع النّظام السّوري، جاء لبنانيّاً وسط تفاقم وتصاعد غير مسبوقين في حالة التململ والقلق والمخاوف من تضخّم مخيف يتجاوز كل المعايير المعقولة والقابلة للاحتمال، لأزمة النّازحين السوريّين في لبنان بما جعل القرار العربي هذا يصطدم لبنانيّاً بشكوك كبيرة بل وعميقة للغاية في ما إذا كان سيساعد لبنان فعلاً في التخلّص تدريجاً وعمليّاً من أعباء كارثة النزوح السوري على أرضه. وتبعاً للشكوك اللبنانية المبرّرة بالكامل في صدقيّة ما ورد من اتّجاهات نظريّة لحل أزمة اللّاجئين التي تعني لبنان في المقام الأوّل، فإنّ ضم لبنان إلى لجنة اتّصال وزارية عربيّة لمتابعة تنفيذ بيان عمان في شأن حلّ الأزمة السوريّة بدا بمثابة “ترضية” شكليّة للبنان بعدما تصاعدت ردود فعل عديدة فيه احتجاجاً على استبعاد لبنان عن اجتماع عمان قبل أيام، بل ان غلاة المشككين في جدوى القرار العربي اعتبروا ضمّ لبنان إلى هذه اللّجنة كان بمثابة “رشوى” وإن كل الأمر يتّصل عمليّاً بترجمة الضّغوط على النّظام السوري لإعادة ملايين النازحين من شعبه الذين هجرهم إلى البلدان المجاورة وفي مقدمها لبنان.
وكتبت”الراي الكويتية”: اذا كانت استعادة سورية مقعدها في الجامعة تفيأتْ تحوّلاتٍ كبرى في المنطقة التي انتقلتْ من «تمزيقِ الخرائط» في سياق حربِ النفوذ والأدوار إلى «خياطة الجِراح»، وإن على قاعدة دفتر شروط وُضع لدمشق لبلوغ حلّ متكامل للأزمة السورية وفق مبدأ «الخطوة مقابل خطوة» وارتكازاً على قرار مجلس الأمن 2254 وبيانيْ اجتماعيْ جدة وعمان، فإنّ هذا المسارَ المتدرّج من «إخماد النيران» في الساحات الملتهبة لا يشي بأن تصيب تأثيراته الإيجابية «بلاد الأرز» أقلّه في المدى القريب، وسط اعتقادٍ بأن الآثار العميقة لـ 7 ايار 2008 ضيّقت هوامش التسويات التي تتيح أن يُحكم لبنان بقوة التوازن وليس موازين القوى المختلّة لمصلحة «حزب الله».وفي حين التقط لبنان الرسمي أنفاسَه بعدما تم ضمّه إلى لجنة اتصال وزارية مكوّنة من الأردن، السعودية، العراق، ومصر والأمين العام للجامعة العربية مهمتها «متابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة يعالج جميع تبعاتها»، وذلك بعدما غاب عن كل الحِراك السابق حول هذه الأزمة التي يُعتبر من أشدّ المتأثرين بها عبر عبء النزوح، فإنّ مسارَ «تصفير المشكلات» في المنطقة بدا أبعد من أن يفعل فعله على الساحة المحلية المأخوذة بمأزق الانتخابات الرئاسية التي من السوريالية أن يتحوّل وقوف دول معنية بالواقع اللبناني بإزائها سواء على الحياد أو «بصفة مراقِب»، عاملاً سلبياً في ضوء مسألتين:• الأولى قصور الأطراف اللبنانية عن إعلاء المصلحة الوطنية فوق حسابات الصراع، سواء بمعناه الاستراتيجي الذي ارتُهن لبنان له منذ 2005، أو السلطوي الضيّق، وعدم ممانعتها المضي بالحروب الصغيرة ولو فوق «أشلاء» الدولة وحتى آخِر رمَق لآخِر لبناني.• والثاني ما سبق أن نبّهتْ منه قوى في ما كان يُعرف بـ 14 مارس من أن الإفراط في التعامل بـ «واقعية سياسية» مع الوقائع التي فُرضت بالقوة في الأعوام الـ 18 الماضية وما شهدتْها من قضْم ممنهَج لتوازنات النظام وتفريطٍ بنقاط «القوة والصمود» التي كان يشكّلها وجود معارضة عابرة للطوائف وبعناوين سياسية – سيادية واضحة، سيعني في لحظة حصول متغيرات في الصراع الإقليمي وانتفاء أو «انطفاء» دور «حزب الله» كـ «مشكلة إقليمية» أن يبقى «مشكلة لبنانية» يُخشى أن يكون القطار فات على تفكيكها بما يسرّع في شفاء «بلاد الأرز» من أزماتها المالية والسياسية المتشابكة.القراروجاء في القرار الصادر عن وزراء خارجية جامعة الدول العربية، عقب اجتماعهم في القاهرة امس الاتي:- تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، واستقرارها، وسلامتها الإقليمية، وذلك استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومبادئه، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها انطلاقاً من الرغبة في إنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق الممتدة على مدار السنوات الماضية، وانسجاماً مع المصلحة العربية المشتركة والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعوب العربية كافة، بما في ذلك الشعب السوري وما له من إسهام تاريخي بالحضارة والثقافة العربية.- الترحيب بالبيانات العربية الصادرة عن اجتماع جدة بشأن سوريا يوم 14 نيسان 2023، واجتماع عمان بشأن سوريا يوم الأول من أيار 2023، والحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية يعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية على سوريا وشعبها، ومعالجة انعكاسات هذه الأزمة على دول الجوار والمنطقة والعالم، خصوصا عبء اللجوء، وخطر الإرهاب وخطر تهريب المخدارت، والترحيب باستعداد الجمهورية العربية السورية التعاون مع الدول العربية لتطبيق مخرجات البيانات العربية ذات الصلة، وضرورة تنفيذ الالتزامات والتوافقات التي تم التوصل إليها في اجتماع عمان، وكذلك اعتماد الآليات اللازمة لتفعيل الدور العربي.- التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قارر مجلس الأمن رقم 2254، بدءاً بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.- تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من “الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر والأمين العام، “لمتابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للازمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتقدم اللجنة تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوازري.- استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من يوم 7 أيار 2023.- الطلب من الأمين العام متابعة تنفيذ ما ورد في هذا القرار، وإحاطة المجلس بالتطوارت”.