كثرت في الآونة الأخيرة الوفيات المفاجئة في صفوف الشباب، ليس في لبنان فقط بل في العالم، ما دفع إلى ربط هذا الموضوع بوباء كوفيد-19 أو كورونا ولقاحاتها.
هذا الإعتقاد عززه أخيراً ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، أنها وجدت صلة محتملة بين لقاح “أسترازينيكا” المضاد لفيروس كورونا، وحالات تجلط دموي تعرض لها أشخاص تلقوا اللقاح، مشيرةً إلى أن الحديث عن الآثار السلبية للقاحات واحتمال تسبّبها بالجلطات حديث شائك علمياً. فهل ما يحكى صحيح وما هو رأي العلم والطب؟
Advertisement
التجلّطات وكورونا
في هذا الإطار، يشير الإختصاصي في علاج فيروس “كورونا” ورئيس قسم الطب الداخلي في مستشفى سان جورج الجامعي، الدكتور جورج جوفلكيان، إلى أن “فيروس كورونا يؤدي إلى مشكلات في كل الأعضاء الاساسية للجسم وليس فقط في الجهاز التنفسي، وعليه فإن الوفيات في العالم كانت بمعظمها نتيجة فشل الجهاز التنفسي، في حين أن العضو الأساسي الثاني الذي يتأثر بكورونا هي شرايين القلب والدورة الدموية، لأنه يمكن أن يؤدي إلى مشكلات وتجلطات في الدم، ويؤدي إلى مشكلات في الشرايين. وعليه فإن من يعاني من مشكلات في الشريان التاجي على سبيل المثال، سيكون معرضاً أكثر من غيره للتجلطات الدموية، كما أن من لديه مشكلات في الكلى وفي الكبد والدماغ، سيتأثر أكثر من غيره بالإصابة بكورونا.”
وشدد في حديث عبر “لبنان 24” على أن “الفيروس بحد ذاته يؤدي الى مشكلات في الجهاز التنفسي والدورة الدموية والشرايين، وعليه فإن الناس الذين يعانون من ارتفاع في الضغط أو الفشل الكلوي أو من سمنة زائدة وإدمان على التدخين، من الممكن أن يكون لديهم مخاطر مرتفعة للمضاعفات عند الإصابة بالكوفيد”.
التجلطات واللقاحات أمّا في ما يتعلق باللقاحات، فتشير منظمة الصحة العالمية، إلى أن الحالات المرتبطة بالتجلطات لمن تلقاها، هي بالأصل مرتبطة بحالات الاشخاص الذين لديهم الإستعداد الجسدي لحدوث مثل هذا النوع من التجلط سواء قلبياً أو رئوياً أو في غيرهما من الأماكن بالجسم.
من هذه النقطة ينطلق الدكتور جوفلكيان ليؤكد أن كل اللقاحات مهما كان نوعها تؤدي إلى سيطرة كاملة على اي مضاعفات متعلقة بالرئتين، وهذا ما أدى الى تراجع في نسبة الوفيات والإصابات بكورونا في الموجة الأخيرة، وبالتالي فان كل اللقاحات تحمي الرئتين من الإلتهابات القوية والتليف الرئوي.
وتابع: “أمّا في ما يتعلق بالجلطات، فلا بد من الحديث عن نوعين من المضاعفات المتعلقة بلقاحين مهمين هما أسترازينيكا وفايزر، فبالنسبة إلى استرازيننيكا، اتضح من الدراسات أن هناك ما يعرف بالـVITC أو التجلّطات التي لها علاقة باللقاح بذاته، وكانت الفتيات تحت سن الـ30 والذين تلقوا لقاح الأسترازينيكا، الأكثر تأثراً، في المقابل، فانهم لم يتأثروا بلقاح الفايزر، الذي أدى بدوره الى التهابات في عضلة القلب للشباب ما دون الـ30 سنة”.
وشدد على أن نسبة هذه المضاعفات سواء للقاح فايزر أو استرازينيكا كانت ضئيلة للغاية لأن نسبة المشاكل الصحية من الإصابة بالفيروس أكبر بكثير من نسبة المشاكل التي قد تنجم عن اللقاح .
وبناء على ما تقدم، يمكن التأكيد أن ما يشاع غير مبنيّ على دراسات واضحة وصريحة وكل ما يجري اليوم هو عملية مفاضلة بين آثار الفيروس وآثار اللقاح ويبقى الخيار الشخصي هو الأساس.