عكس السير… المسيحيون يُجازفون مرّةّ جديدةً

10 يونيو 2023
عكس السير… المسيحيون يُجازفون مرّةّ جديدةً

لأكثر من 10 سنواتٍ متواصلةٍ، إنتظرت مختلف القوى السياسية في لبنان ان يحدُث التقارب بين “السُنة” و”الشيعة” في المنطقة، وتحديداً بين “المملكة العربية السعودية” و”الجمهورية الاسلامية الايرانية”.

وخلال السنوات المُشار اليها، كانت القوى السياسية والحزبية في لبنان، تُخبر المواطنين ان واقعهم معلّق، والحلول الفعلية المطلوبة للوضع السياسي والاقتصادي المتأزّم، تنتظر ما ستؤول اليه العلاقة بين الاطراف الاقليمية المُتنازعة، والتي ينعكس نزاعها بشكل مباشرٍ وكبير على الحركة السياسية الداخلية في لبنان.

وعلى مدار أكثر من 10 سنواتٍ، إصطف اللبنانيون بين محورين سياسيين، بعدما اعتادوا ان يصطفوا عبر التاريخ في محاور طائفية ومذهبية.

والخطير اليوم، هو ان اصطفافاً من نوع جديد يلوح في الأُفق، قد يأخذ الدولة بمختلف تفاصيلها للمضيّ “عكس السير”.

في هذا الاطار، يقول مصدر متابع انه ” لا بد من التوقف عند المشهد السياسي العام في البلاد، الذي قد يُترجم في جلسة الأربعاء الرئاسية المُقبلة، فالجلسة لا يمكن اعتبارها محورية بحدّ ذاتها، انما يمكن النظر اليها كمرآةٍ قد تَظهر من خلالها علامات الترهّل الكثيرة التي أصابت النظام في لبنان.

والخوف، ليس من ظهور علامات الترهّل والتعب، انما من محاولة بعض الأفرقاء التخلّص منها بدل معالجتها، ما يُدخل البلاد في نفقٍ جديد من التعثر والبحث عن البدائل في ظل فراغات متتالية، تبدأ من رأس الهرم المتمثل في رئاسة الجمهورية ولا تنتهي عند حاكمية مصرف لبنان، بل قد تتعداها لتطال قيادة الجيش وغيرها من المناصب”.

ويضيف ” الصورة العامة، تؤكد ان الفراغات ستطال المواقع المسيحية الحساسة، كما تشير الصورة نفسها الى ان جزءاً وازناً من المسيحيين يجنح نحو المخاطرة والمجازفة.

وهنا ان أردنا الحديث وفقاً لقواعد العمل السياسي، يمكن الاشارة الى ان المجازفة حقٌ لكل مجموعة سياسية، لكن ان اردنا مقاربة الواقع من باب التجربة، لاسيما التجربة السياسية التي مرّ فيها المسيحيون في العام 1989، فلا بد من القول ان المجازفة قد تكون ضرباً من ضروب الجنون وعاملاً مساعداً في الدفع نحو المزيد من التدهور الذي قد يصيب المجتمع اللبنانيّ بشكل عام والمسيحيّ بشكل خاص”.

ويرى المصدر عينه ان ” لغة الانفتاح التي شهدتها المنطقة بعد “إتفاق بكين” والتي كرستها قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في مدينة جدة السعودية، تبدو غريبةً عن قواميس العمل السياسي في لبنان، اذ انه وبعيداً عن امكانية انتخاب وزير المالية السابق جهاد أزعور رئيساً للجمهورية خلال جلسة الأربعاء المقبل، فان الجلسة بحدّ ذاتها وبالشكل المنوي تظهيرها فيه، ستؤدي الى حالتين من التقوقع ان لم نقل الانعزال:

الحالة الأولى متمثلة في اظهار الطائفة الشيعية كاملة متكاملة وكأنها على طلاق فعليّ مع جميع اللبنانيين.

والحالة الثانية، هي اظهار (التيّار الوطنيّ الحرّ) و(القوات اللبنانية) على انهما الممثلان الحصريان للمسيحيين في لبنان من دون سواهما”.
وهذا ما قد يؤدي الى ولادة جبهتين جديدتين، يحكمهما نَفس طائفيّ وسياسيّ، مخالف تماماً لنفَس التلاقي والحوار الذي نسمع عنه ولا ندركه في لبنان”.

ويختم المصدر طارحاً التساؤلات التالية:
هل يمكن ان يرضى النواب السُنّة، في الطرح الذي يقول انهم قادرون وحدهم من دون اي نائب شيعيّ ان يؤمنوا ميثاقية جلسة انتخاب رئيس في لبنان؟
وهل من المعقول ان تسمح القوى العربية والاقليمية الفاعلة ان تسير عجلات لبنان نحو التصادم والتقوقع فيما تذهب عجلاتها مسرعة نحو الانفتاح والازدهار والسلام والطمأنينة؟