كتب ابراهيم حيدر في” النهار”: الحقيقة التي لا تحتاج إلى كثير من التفكير هي أن الفراغ في البلد يُسأل “حزب الله” عنه بالدرجة الاولى، وما الذي يريده للتنازل عن سليمان فرنجية والتفاوض حول اسم ثالث. وعندما يُسال الحزب عن امكان ذلك، يرد بتمسكه بفرنجية على أنه مرشح توافق، ولا يطعن ظهر المقاومة. لذا يجزم السياسي المتابع أنه إذا حددت الجلسة الـ13 لانتخاب الرئيس، فهي ستلقى مصير سابقتها الـ12، لكنها قد تكون اختبار قوة إما للتفاوض، أو لتأبيد الفراغ بعدها، علماً أن الفراغ الرئاسي الذي حدث بين 2014 و2016 عُقدت خلالها 45 جلسة لكنها لم تصل الى نتيجة إلا بفرض المرشح الأوحد حينها ميشال عون. وإذا كانت الظروف مختلفة اليوم، إلا أن “حزب الله” يمتلك أسلحة لم يستخدمها بعد في معركته الرئاسية، قد تعيد خلط الأوراق كلها. سلاح الضغط يمكن أن يكون الأبرز من خلال خلق أجواء متوترة تفيد أن البلد قد يذهب الى انفجارات أمنية في حال تمسك المسيحيين بمرشح المواجهة. لكنه أيضاً قد يذهب بالبلاد الى الفوضى وإلى طرح تغيير التركيبة القائمة أو نسف صيغة النظام.
تمسك “حزب الله” بمرشحه سليمان فرنجية، يُظهر أنه غير منفتح على الحوار إلا حول مرشحه “المقاوم” وهذا يعني إطالة أزمة الفراغ. وفي المقابل تبدو القوى الداعمة لأزعور متمسكة به، على الرغم من حسابات بعض أطرافها لا سيما التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل. ويُظهر التمسك بالمرشحين أن توازنات الداخل ولدى غالبية القوى لم تصل الى مرحلة الحوار أو التفاوض مع الخارج، فما لم يكن ممكناً التفاوض على اسم مرشح انقاذ، سيطول أمد الفراغ ومعه الانهيار والأزمات، الامر الذي يفرغ مؤسسات الدولة، وهذا ربما ما يراهن عليه “حزب الله” لدفع تيارات مسيحية أساسية للاقتناع بخياره أو التفاوض معه على سلة تفاهمات جديدة.
لكن المخاوف تبقى من طريقة مقاربة “الثنائي الشيعي” خصوصاً “حزب الله” لنتائج الجلسة الانتخابية، وتصعيده بالقول أن لبنان نجا من أزمة كبرى. بالنسبة إلى الثنائي، الانتصار الذي حققه هو بمنعه حصول أزعور على 65 صوتاً لتكريسه رئيساً. ولو حدث ذلك، كانت الامور ستنتقل إلى الشارع وفق السياسي المتابع، ما يذكر بـ7 أيار 2008. لكن أيضاً في ظل الانقسام العمودي في البلد، والشحن الطائفي، كانت ستكون الامور على الضفة الأخرى في حال تقدم فرنجية خطيرة وستنتقل إلى مرحلة أخرى من الدعوات إلى الفيديرالية والانفصال. وهو احتمال يبقى قائماً في حال استمر “حزب الله” بسياسته فرض رئيس بالامر الواقع. ولذا يستمر البلد في شغور طويل وفراغ يهدد كل البنية اللبنانية ومؤسساتها.