كرس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كنيسة مار مخايل، في البترون وذلك خلال قداس احتفالي، عاونه فيه راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، المعاون البطريركي والنائب البطريركي العام على منطقتي الجبة – بشري وزغرتا – إهدن المطران جوزيف نفاع، النائب العام في الأبرشية المونسنيور بيار طانيوس وخادم الرعية الخوري بطرس خليفه. كما شارك في القداس النائب البطريركي المطران أنطوان عوكر ولفيف من الكهنة، بالاضافة الى رئيسة دير مار يوسف جربتا الأم راغدة يونس وراهبات من الدير.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة قال فيها: “أنت هو الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي” (متى 16: 18)، يشبه الرب يسوع سر الكنيسة بمبنى قائم على صخرة. المبنى هو جماعة المؤمنين، والصخرة هي الإيمان “بالمسيح إبن الله الحي”، الذي أعلنه سمعان بن يونا، فجعله يسوع صخرة أي بطرس، وهو “إنسان ضعيف وسريع العطب من طبعه، ولكنه حوله لقوة إيمانه إلى صخرة صلدة، مميزة بعدم الإنكسار بشكل دائم وعجيب” (القديس البابا بولس السادس: كنيسته-Ecclesiam Suam، 39). جماعة المؤمنين المبنية على صخرة الإيمان بالمسيح هي جماعة منظمة بشكل قانوني فيها سلطان الحل والربط أي سلطة الولاية بكل أبعادها. وقد سلمها الرب لبطرس بقوله: “ولك أعطي مفاتيح ملكوت السماوات” (متى 16: 19). هذا الملكوت هو حياة الإتحاد بالله، الواحد والثالوث. فيبدأ في كنيسة الأرض أي جماعة المؤمنين، المنظمة تراتبيا، ويكتمل في كنيسة السماء الممجدة”. أضاف: “يسعدنا مع سيادة أخينا المطران منير خيرالله راعي الأبرشية، وصاحبي السيادة المطرانين جوزف نفاع وأنطوان عوكر، والآباء المشاركين وجمهور الحاضرين إن نكرس كنيسة مار ميخائيل الجديدة في بلدة ضهر أبي ياغي العزيزة. فأوجه تحية شكر لمختار البلدة عزيزنا المحامي شفيق ضوميط أبي صالح على تسليمي مختصر مراحل بناء الكنيسة الثلاث. فنحيي آل أبي صالح الكرام ومن ينتسب إليهم، والمهندس نوهرا جوزف أبي رزق الذي وضع الخرائط الأساسية والتنفيذية من دون مقابل، ووافق عليها راعي الأبرشية آنذاك المثلث الرحمة المطران بولس إميل سعادة، والمهندس جهاد إدمون أبي صالح الذي أخذ على عاتقه ونفقته الجزء الأكبر الباقي إبتداء من سنة 2016، من بعد أن بدأ العمل الأولي ما بين سنة 2008 و2010 بتبرعات العديدين من أبناء ضهر أبي ياغي”. وتابع الراعي: “إننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية على نية جميع الذين لهم تعب وإحسان في بناء هذه الكنيسة وقاعتها الرعائية ومستلزماتها، ونذكر جميع أبناء ضهر أبي ياغي وسكانها، سائلين الله بشفاعة الملاك ميخائيل أن يفيض نعمه وبركاته على الأحياء كبارا وصغارا، ويريح في الملكوت السماوي موتاهم. فيما نكرس كنيستكم ومذبحها على إسم الملاك ميخائيل، لا بد من التذكير أن “الكنيسة الحجرية” التي نكرسها هي صورة عن “الكنيسة البشرية” التي هي أنتم. فهي مبنية على إيمانكم بالمسيح مثل إيمان بطرس، وأنتم حجارتها الحية، وأنتم الهيكل الذي يسكنه الله الواحد والثالوث. ففيما نكرس هذه الكنيسة الحجرية بالميرون المقدس، إفتحوا قلوبكم لقبول هذا التكريس مجددين تكريسكم الأول بالمعمودية والميرون. كنيستكم الرعائية هذه هي مكان إيمانكم: تغذونه من كلام الله وتعليم الكنيسة، وتعلنونه ثقافة وحضارة، وتحتفلون به ليتورجيا، وتعيشونه بأعمالكم وأقوالكم على القاعدة الأخلاقية التي تميز بين الخير والشر، والحق والباطل، وتنظمونه وفق شرائع الكنيسة”. ولفت الراعي الى ان “الإيمان بالمسيح إيمان الكنيسة أيضا. أساس الإيمان بالكنيسة هو الإيمان بالمسيح. هكذا نفهم الرباط بين إيمان سمعان وجعله صخرة (بطرس) يبني عليها المسيح كنيسته: “أنت هو الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي” (متى 16: 18).وكأن المسيح يقول لبطرس: “لأنك تؤمن بي، أجعلك صخرة أبني عليها كنيستي”، وبكلام آخر “لأنك تؤمن بكنيستي، أجعلك صخرة وأعطيك مفاتيح الملكوت للحل والربط”. الإنجيل لا يلغي السلطة، بل يؤسسها ويثبتها، ويضعها لخدمة خير الآخرين، لا لأنها تتحدر من الجماعة، وكأنها خادمة لها، بل لأنها تتحدر من علل تسوس وتحكم باسم المسيح، وهي وليدة تدخل وضعي من إرادة الله. في الواقع، أراد الرب يسوع أن يكون تعليمه، لا خاضعا للتفسير الشخصي، بل مسلما إلى سلطة موصوفة: “إذهبوا وتلمذوا، واكرزوا بالإنجيل، ونادوا بالتوبة لمغفرة الخطايا. فكما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضا” (راجع متى 28: 16-20؛ مر 16: 15؛ لو 24: 45-48؛ يو 20: 21-23). في ضوء كل هذا لا يوجد أي مبرر للموقف المناقض لهيكلية الكنيسة التراتبية”. وشدد على ان “الكنيسة مؤتمنة من المسيح الرب على كلام الله، وإعلانه وتعليمه وتفسيره، وعلى الشريعة الأخلاقية التي تميز بين الخير والشر، والحق والباطل. وبهذه الصفة لا تستطيع إلتزام الصمت أمام كل ما يناقض الكلام الإلهي وشريعته الأخلاقية. لا تصمت عن الظلم والكذب، ولا تصمت عن إهمال الخير العام لصالح الخير الخاص، ولا تصمت عن هدم المؤسسات الدستورية وعلى رأسها الفراغ المتعمد في سدة الرئاسة وعدم إنتخاب رئيس للجمهورية، ولا تصمت عن إختلاق أوضاع تمس كيان المؤسسات والإدارات، ويسمونها “ضرورة” يستنبط منها المجلس النيابي، وقد أصبح هيئة ناخبة، “تشريع الضرورة”، وحكومة تصريف الأعمال “تعيينات الضرورة” وهي مخالفة للدستور، ونخشى أن يطعن بدستوريتها، ولا تصمت عن قهر الشعب وإفقاره وإذلاله وجعله في حالة استعطاء، وهو الأبي بكرامته، ولا تصمت عن كل سلاح غير شرعي ومتفلت الإستعمال وغير خاضع للدولة ولنص الدستور، ولا تصمت عن التعدي على مشاعات المدن والبلدات والقرى، وعلى أراضي الغير، ولا تصمت عن الكثير الآخر الذي يجعل الدولة فاقدة لهيبتها”. وختم: “تعلمون، أن إسم الملاك ميخائيل يعني “من مثل الله؟” فيا ليت الذين يتصرفون، وكأنهم أنصاف آلهة، ويخالفون شريعة الله وكأن الله سبحانه غير موجود يفهمون أن “لا أحد مثل الله”. فلنصل إلى الله كي يغفر لنا عندما نتعدى على رسومه ولكي يحمينا من رذيلة الكبرياء والتعدي على شريعته، ويجعل إسم الملاك ميخائيل شعار حياتنا. لله المجد إلى أبد الآبدين، آمين”.