كما كان متوقعاً صدر بيان واضح عن نواب قوى المعارضة، يضم نواب حزبي الكتائب والقوات اللبنانية وبعض المستقلين، يعلنون فيه رفضهم الكامل للحوار الذي سيدعو اليه الفرنسيون عبر المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان خلال شهر أيلول، وهذا الإعلان الصريح جاء بعد الرسالة التي ارسلت لعدد كبير من النواب من السفارة الفرنسية في بيروت تمهد لفكرة الدعوة للحوار .
يأتي بيان المعارضة ضمن السياق الجديد للحراك السياسي الذي اعلن عنه حزب “الكتائب اللبنانية” اذ عملت الصيفي في الأيام الماضية على القيام بإتصالات بقوى ونواب المعارضة لاتخاذ موقف جدي ضد “حزب الله”، وهذا ما حصل، اذ بات، وفق البيان هناك قواعد اساسية ثابتة للتعامل مع الحزب في المرحلة المقبلة، وهذا ما لن يؤدي الى أي تجاوب في الملفات المطروحة.استغلت قوى المعارضة حادثة الكحالة لتعلن عدم تجاوبها مع مبادرة لودريان الحوارية،بعدما كانت في المرحلة الماضية محرجة من القيام بمثل هذه الخطوة لعلمها أن الحوار، اذا لم يكن مترافقاً مع إلتزام واضح من رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة الى جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيصب في مصلحة “حزب الله” المستفيد من تمرير الوقت.كما ان المعارضة تحاول من خلال إستراتيجيتها السياسية الجديدة إعادة النقاش الى عنوان سلاح الحزب، وان كانت تعلم أن الأمر لن يكون له أي نتيجة، الا انه قد يؤدي الى تحسين شروطها التفاوضية ويجعل من حضورها في الاستحقاقات أكثر وزناً، لكنها في المقابل باتت مكبلة غير قادرة على الدخول في أي تسوية سياسية قد تفرض نفسها على المشهد في ظل الحراك الاقليمي الحاصل.كما أن المعارضة كشفت نفسها بشكل جدي من خلال البيان التصعيدي اذ ظهرت انها لا تمتلك الثلث المعطل وأن كتلتها النيابية الصلبة التي تذهب معها نحو النهاية اقل من الكتلة الصلبة ل” قوى الثامن من اذار” التي تتخطى في اسوأ الأحوال الـ ٤٤ نائباً، وهذا يفرض على المعارضة التعامل مع نقطة الضعف هذه بطريقة أكثرة جدية خصوصا في حال حصول تطور جدي مرتبط بالحوار بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله.هل يستطيع” حزب الله” احتواء هذا الاعتكاف المعارض عن الحوار؟ وهل ان الامر سيشكل نافذة يستطيع من خلالها الحزب الذهاب الى تسوية مربحة مع القوى الدولية من دون اي ضغوط داخلية؟ وهل سيصبح موقف رئيس” التيار الوطني الحر “جبران باسيل اكثر قوة على اعتبار انه ظهر بمظهر بيضة القبان في الحياة البرلمانية أقله؟ كلها اسئلة باتت اليوم مطروحة وستكون محور الحياة السياسية في لبنان في المرحلة المقبلة.
