التسوية الأمميّة لليونيفيل لا تغيّر أرض الواقع

31 أغسطس 2023
التسوية الأمميّة لليونيفيل لا تغيّر أرض الواقع


كتبت سابين عويس في” النهار”: على مسافة ساعات، في حال التأجيل، من صدور قرار مجلس الأمن الدولي في شأن التمديد سنة واحدة لقوات حفظ السلام العاملة في الجنوب ، صيغة حلّ وسط جرى العمل من أجل اعتمادها باقتراح فرنسي لسحب فتيل التصعيد المتنامي حيال دور هذه القوات ومهمتها، بعد رفض لبنان توسيع نطاق عملها ومنحها هامش حرية التحرك من دون إذن مسبق من السلطات اللبنانية، كما ورد في نص القرار المرتكز على القرار الصادر في ٢٠٢٢. ويقضي الحل بالإبقاء على حرية حركة اليونيفيل لمتابعة عملها من دون إذن مسبق، ولكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية أي الجيش. ما يقود عملياً الى خلاصة أن ما تم التوصّل إليه لا يعدو كونه مسحة تجميلية لقرار صادر العام الماضي ويجدّد له بصياغة منمّقة.

يأتي اليوم قرار التمسك بالتعديل ليعيد طرح المخاوف عينها مما ينطوي عليه من أهداف لا تقف عند حدود توفير استقلالية للقوات الدولية، وإنما تذهب أبعد، كما تقول مصادر ديبلوماسية. ذلك أن القرار يحمل في طيّاته مسألتين ساخنتين، تتمثل الأولى في منح القوات الدولية هامشاً أوسع للتحرّك، من دون إذن مسبق من السلطات اللبنانية، فيما يلحظ في مندرجاته أيضاً مسألة قرية الغجر، من باب دعوة إسرائيل الى الانسحاب من شمال الغجر والمنطقة المحاذية لها شمال الخط الأزرق في خراج بلدة الماري.ليست حرية الحركة ما يقلق الجانب اللبناني الممثل أساساً بـ”حزب الله” أو عدم الحصول على إذن مسبق منه للتحرك، باعتبار أن الحزب يعي أن القوات الدولية لن تقوم بأي تحرك من دون التنسيق أو إبلاغ الجيش، خشية من الاعتداءات أو الكمائن التي تتعرض لها دورياتها، أو من أي مواجهات محتملة مع أهالي القرى والبلدات في مناطق مهماتها، بعدما جرى شحن هؤلاء وتجييشهم ضد تلك القوات من باب اعتبار أن حرية حركتها تعني مسّاً بالسيادة اللبنانية، وربما تكليفها بمهمات تجسّسية لمصلحة إسرائيل، ما من شأنه أن يثير الحساسيات بين الأهالي، وهم عملياً البيئة الحاضنة للحزب. بل ما يثير الخشية لدى الحزب الأسباب التي تقف وراء الضغط الدولي عموماً والأميركي خاصةً في اتجاه تكريس التعديل في مهمات اليونيفيل، وما يمكن أن ينعكس بنتيجته على نفوذه وتوسّعه وحرية حركته في المناطق الحدودية، فضلاً عن الحرص الدولي على عدم إضعاف القوات الدولية وعزلتها ضمن بيئة معادية لها، كما تبيّن من تكرار الاعتداءات التي طالتها خلال العام الماضي. ويعزز هذا الانطباع ما كشفته متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة “الحرة” أمس إذ قالت إن رفض الحزب لتفويض اليونيفيل هو الأحدث ضمن سلسلة من الأحداث التي تثبت أنه مهتم بمصالحه ومصالح راعيته إيران أكثر من اهتمامه بسلامة ورفاهية الشعب اللبناني معتبرة أن حرية واستقلالية حركة اليونيفيل هما عنصران حاسمان للغاية في قدرتها على إنجاز مهمتها، مؤكدة أن الهدف هو وصولها الى المناطق الرئيسية المثيرة للقلق للتخفيف من عدم الاستقرار على طول الخط الأزرق.أما بالنسبة الى البند الثاني، فهو يتزامن مع تجدد الكلام عن ترسيم الحدود البرية، ويتزامن صدور القرار الدولي مع زيارتين لافتتين في التوقيت لكل من وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان والمبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين لبيروت، حيث لا يغيب ملف الحدود عن المحادثات والمشاورات غير المعلنة.