كتب ابراهيم بيرم في” النهار”: في الساعات الـ48 الماضية وجدت قيادة” حزب الله” نفسها أمام مهمة ليست يسيرة وهي الإجابة عن أسئلة محورية بدأت تطل برأسها أخيراً بإلحاح وسط القاعدة الجماهيرية للحزب وفي وسط بيئته الحاضنة التي ساورها القلق، وهي تتركز على جدوى فاعلية الدعم الذي دأب الحزب على تقديمه كفعل إسناد لغزة ومقاومتها التي تخوض مواجهة لا هوادة فيها مع آلة الحرب الاسرائيلية منذ ما يتعدّى السبعين يوماً.
وأوكلت قيادة الحزب المهمة الدفاعية تلك الى محمد عفيف المستشار الإعلامي للحزب وقيادته المركزية فما كان منه إلا أن أجرى إطلالة إعلامية نادرة مع الإعلام الروسي ليقدّم إجابات أولية عن تلك الأسئلة والشكوك المقرونة بها سعياً الى تبديد مناخات الغموض والالتباس .
المفارقة أن عفيف أفرد مساحة واسعة من الكلام وهو يقر بحجم المعاناة المتأتية عن هذه الحرب لكنه استدرك بأن “التأثير المباشر لها على القطاع الاقتصادي اللبناني لا يزال تحت السيطرة” وأنه لم يتأثر سلباً أكثر مما هو متوقع.وفي محاولة واضحة للتخفيف من تداعيات تلك الضربة تبنّى عفيف استنتاجاً فحواه “أن آثار هذه الحرب المتوالية فصولاً على الاقتصاد الإسرائيلي أكبر بكثير من انعكاساتها على دول الجوار أي الأردن أو مصر أو لبنان”.والعنصر الجديد الذي شاء المسؤول الإعلامي في الحزب أن يلفت إليه هو أن الحزب لم يستخدم في هذه الحرب إلا 5 بالمئة فقط من قوته وقدراته الميدانية فيما الإسرائيلي اضطر مكرهاً تحت وطأة أداء الحزب الميداني المضبوط والمدروس على سبيل المثال إلى أن:- يزجّ بـ7 منظومات من القبة الحديدية التي لديه في مواجهة الحزب، وهذا برأيه رقم قياسي إذا ما قورن بباقي الجبهات في غزة والضفة الغربية حيث تعمل في كل منهما منظومتان وفي إيلات 3 منظومات.- كرر أن ثمة ما يُقدّر بـ120 ألف إسرائيلي اضطروا إلى أن ينزحوا من مستوطنات الشمال (الجليل الأعلى) تحت وطأة ضغوط الحزب العسكرية ويرفضون العودة خشية ورعباً وعدم ثقة بالجيش الإسرائيلي.- الحزب لم يسقط من حساباته نهائياً احتمال رفع وتيرة المواجهات، إذ إن المسألة عنده مرهونة وفقاً لما قاله باكراً السيد نصرالله بأمرين اثنين وهما تقدير الموقف في غزة، واحتمال أن يبادر الإسرائيلي نفسه الى توسيع نطاق المواجهات ويشرع في هجوم مفتوح.ولقد أوضح المسؤول عينه أن تقدير الموقف في غزة يعتمد بدرجة كبيرة على التواصل اليومي مع المقاومة فيها، “وثمة اطمئنان لدى الحزب في الموضوع الآخر مبنيّ على فرضية أن العدو الذي لم يجرؤ على توسيع نطاق الحرب لن يجرؤ لاحقاً لأنه يعلم قوة المقاومة وردة فعلها”.- أن الحزب يرى مصلحته “في المحافظة على وتيرة حرب الإسناد والتضامن الحالية مع الشعب الفلسطيني”.وخلاصة التقدير، عجزت إسرائيل عن تحقيق أي هدف يُعتدّ به من أهدافها المعلنة من حربها في غزة “في مقابل أن تلك الحرب ألقت بآثار عميقة جداً على الوعي الإسرائيلي تجاه جيشه وحكومته”.وفي كل الأحوال ثمة من يعتقد أن الحزب أجاب مبدئياً عن التساؤلات التي ثارت في وجهه أخيراً من جانب الحلفاء والخصوم وهي أسئلة بدت مشروعة أمام أمرين واقعين:- أن زمن الحرب قد طال على نحو غير معتاد عند جمهور الحزب إذ تجاوزت أيامه نحو ضعفي أيام حرب تموز عام 2006 التي عُدّت في حينها أطول الحروب العربية – الإسرائيلية قاطبة (33 يوماً).- أن موجة التهديدات الإسرائيلية الأخيرة في وجه الحزب ولبنان حملت رقماً قياسياً إذ بلغت نحو 65 تهديداً على لسان أكثر من مسؤول، وهي ربما بدأت تترك آثارها.