لبنان وإسرائيل ينزلقان نحو الحرب

25 ديسمبر 2023
لبنان وإسرائيل ينزلقان نحو الحرب


يعيش اللبنانيون حياتهم بقلق وهم يراقبون المناوشات الحدودية المكثفة بين حزب الله وإسرائيل.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت التهديد بتحويل بيروت إلى غزة أخرى، إذا أشعل حزب الله حرباً أوسع. وزار عدد من كبار المبعوثين الفرنسيين، من بينهم وزيرة الخارجية كاثرين كولونا الأسبوع الماضي، العاصمة اللبنانية لنقل تحذيرات مماثلة. وشددوا على أنه لتجنب مثل هذه الحرب، يجب على حزب الله أن يسحب مقاتليه على الفور من جنوب لبنان وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وهو الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية وأنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006”.

وتابعت الصحيفة، “هذه المطالب منفصلة عن الواقع على الأرض ومن غير المرجح أن تغير الصراع الحدودي الذي لا يزال يتكشف. لقد ظل حزب الله، وهو أقوى قوة عسكرية غير حكومية في العالم، يتحصن في جنوب لبنان منذ عقود. وفي غضون ذلك، لم تفعل إسرائيل والآلاف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة سوى القليل لمواجهة هذا التحدي. ومع قوة تقدر بنحو خمسين ألف مقاتل متشدد وترسانة تزيد على مائة ألف صاروخ، لن يتخلى حزب الله عن موطئ قدمه الاستراتيجي، أو مخابئه المحصنة، أو شبكة أنفاقه تحت الأرض لمجرد أن إسرائيل تطالب بذلك”.
وأضافت الصحيفة، “يبدو أن حزب الله لا يدرك إلى أي مدى أدى قيام حماس بقتل واختطاف الآلاف من الإسرائيليين في السابع من تشرين الأول إلى تغيير المشهد السياسي داخل إسرائيل، كما ولا يدرك أنه بالنسبة للإسرائيليين، أصبحت العودة إلى الوضع الراهن على الحدود قبل 7 تشرين الأول أمراً لا يطاق. وهو لا يدرك أيضاً أنه مع رفض نحو سبعين ألفاً من النازحين الإسرائيليين العودة إلى مجتمعاتهم خوفاً من أن يهاجمهم الحزب، فإن الرأي العام الإسرائيلي بشأن هذه القضية أصبح الآن أكثر تشدداً من الحكومة الإسرائيلية ذات الميول اليمينية”.
ورأت الصحيفة أن “الضغط المستمر الذي تمارسه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على إسرائيل حتى لا تشن حملة عسكرية في لبنان غير كاف، كما وتواجه تحديًا بسبب الواقع الداخلي لإسرائيل وحقيقة أن الأخيرة قد حشدت بالفعل قوة تقدر بنحو 120 ألف جندي في الشمال للتعامل مع التهديد. إذا بدأت إسرائيل مثل هذه العملية العسكرية، فقد تشعل المنطقة، مما يجبر الأصول البحرية الأميركية التي تم إرسالها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط على التدخل وربما جذب إيران في هذه العملية. ولمنع مثل هذه الحرب المدمرة، يتعين على الدبلوماسية الأميركية أن تكثف جهودها على الفور وأن تقود الجهود الجارية، جنباً إلى جنب مع الفرنسيين والبريطانيين، نحو التوصل إلى نتيجة عن طريق التفاوض”.
وبحسب الصحيفة، “لا تزال جهود الوساطة الأميركية حتى الآن هادئة ومقيّدة نسبيًا، على الرغم من أنها تتمتع بنفوذ أكبر بكثير على كلا الطرفين وسجل إيجابي في التفاوض على اتفاقيات الحدود بينهما. ففي عام 2022، وبموافقة ضمنية من حزب الله، نجح المنسق الرئاسي الأميركي الخاص آموس هوكشتاين في التوصل إلى اتفاق حدود بحرية بين لبنان وإسرائيل أنهى نزاعات طويلة الأمد. ولا يزال هوكشتاين يحظى بالثقة في كل من بيروت والقدس، وعليه أن يستأنف بسرعة الجهود المتوقفة لترسيم الحدود البرية. إذا تمكن من التوصل إلى اتفاق يحل بعض الخلافات المتبقية على طول ما يسمى بالخط الأزرق، فسيكون لدى كلا الطرفين الأسباب الكافية والغطاء السياسي اللازم لخفض التصعيد”.
وتابعت الصحيفة، “الخطوط العريضة العامة لمثل هذه الصفقة ستشهد انسحاب إسرائيل من عدد من المواقع الاستيطانية الصغيرة، وأهمها مزارع شبعا، وهي قطعة غير مأهولة من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل بعد انسحابها من لبنان في عام 2000. في ذلك الوقت، لم تخرج إسرائيل من المنطقة، مستشهدة بمطالبات متنافسة من لبنان وسوريا. وفي المقابل، سيتعين على حزب الله أن يسحب قوات النخبة الأكثر قدرة لديه، والتي يقدر عددها بنحو 6000 جندي، من جنوب لبنان، كما أنه سينهي كل العمليات العسكرية عبر الحدود. ستلتزم الدولة اللبنانية بعد ذلك بهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وهي مقدمة لاحتمال تطبيع العلاقات بعد أن فعلت المملكة العربية السعودية والقوى الإقليمية الأخرى ذلك. وستعمل الولايات المتحدة وفرنسا كضامنين مشتركين لهذا التفاهم، في حين تقوم قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان بمراقبة انسحاب حزب الله”.
وبحسب الصحيفة، “سيكون لمثل هذا الاقتراح العديد من المنتقدين ولا يخلو من التحديات، وسوف يجادل البعض في الولايات المتحدة وإسرائيل بأن أي تنازلات إقليمية ستكون بمثابة مزيد من الاستسلام لحزب الله ورعاته الإيرانيين. وسوف يزعم آخرون أن حزب الله سوف يكتسب المزيد من الجرأة بعد أي انسحاب إسرائيلي، وأنه سوف يبحث مرة أخرى عن سبل لتأكيد وجوده على حدود إسرائيل في المستقبل. وعلى نحو مماثل، في لبنان، قد لا يكون حزب الله مستعداً لوقف إطلاق النار بشكل كامل والانسحاب إلى أن يهدأ القتال في غزة، كما ويريد تجنب اتهامه بالتخلي عن حماس والفلسطينيين الذين يعانون في غزة”.
وختمت الصحيفة، “في مواجهة البديل الصارخ المتمثل في حرب مدمرة، فإن مثل هذه المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة من شأنها أن تزود لبنان وإسرائيل بالحوافز الكافية لاتخاذ المسار الدبلوماسي لتجنب المزيد من الموت والدمار”.