تردّد الخماسية.. هل حان موعد ضمّ إيران إلى صفوفها؟

26 يناير 2024
تردّد الخماسية.. هل حان موعد ضمّ إيران إلى صفوفها؟


الى الواجهة، عادت ما اصطلح على تسميتها بـ”اللجنة الخماسية” المعنيّة بالشأن اللبناني، والتي تضمّ ممثّلين عن كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر وفرنسا ومصر، في ضوء ما يُحكى عن اجتماعٍ مرتقبٍ لها خلال الأيام القليلة المقبلة، ولكن أيضًا على وقع “نشاط” سفرائها لدى لبنان في الأيام الماضية،ولا سيما امس في اجتماعهم في دارة السفير السعودي، ولو اقترن هذا النشاط ببعض “التردّد والارتباك”، بعد تأجيل أو إلغاء مواعيد كانت محدّدة.

Advertisement

 
صحيح أنّ السفراء المعنيّين نفوا وجود أيّ “خلافات” وراء تأجيل اللقاءات التي كانت مفترضة، وعلى رأسها الاجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعزوا الأمر إلى وجود “تضارب” في المواعيد لا أكثر، إلا أنّ بعض التسريبات الصحافية استفاضت بالحديث عن “تباينات” سواء في وجهات النظر إزاء الاستحقاق الرئاسي اللبناني، أو في الرؤى حول الأدوار، مع رفض بعض السفراء أن يكونوا “مُلحَقين” بغيرهم، بشكلٍ أو بآخر.
 
وبمعزَل عن صحّة هذه التسريبات من عدمها، ولا سيما أنّ المعلومات تؤكد “تجاوز” ما حصل، بدليل “الاجتماع التنسيقي” الذي سُجّل بين السفراء امس، ثمّة من يسأل عن “جدوى” حراك “الخماسية” المتجدّد أصلاً، في ظلّ الظروف الحاليّة، ومواقف الأفرقاء الثابتة، وثمّة من يذهب أبعد من ذلك ليسأل: ألم يحِن موعد ضمّ إيران إلى “الخماسية”؟!
 
لا خلافات؟! 
قبل الحديث عن “الجزئية” المرتبطة بإيران وحضورها ضمن “الخماسية”، يقلّل العارفون من شأن ما أثير عن خلافات أو تباينات، أو حتى “تردّد” ظهر في موقف سفراء “الخماسية”، ولو أنّ “الارتباك” الذي نجم عن تحديد مواعيد ومن ثمّ إلغائها لم يكن خافيًا على أحد، وإن استعيض عنه بنشاطات “فردية” لبعض السفراء، الذين تعمّدوا الحديث عبر وسائل الإعلام، عن “تفاهم كامل”، بل بالغ البعض في “التفاؤل” بفرج رئاسي في غضون شهرين.
 
يضع العارفون هذا الارتباك، أو التردّد، في خانة “تكتيكية تفصيلية” ليس إلا، أو ربما “سوء تفاهم” نجم عن تحديد المواعيد من دون “تنسيق مسبق” كان بعضهم يفترضه، من أجل الذهاب إلى اللقاءات مع الأطراف اللبنانية المعنية بموقف واحد موحّد، أو بالحدّ الأدنى برؤية مشتركة، علمًا أنّ هناك من أشار إلى أن المشكلة كانت مرتبطة بمدى “استعداد” السفيرة الأميركية المعيّنة حديثًا، ورغبتها بالإلمام بملفّاتها أولاً، قبل المباشرة بأيّ تحركات فعليّة.
 
وإذا كان هناك من يلفت إلى أنّ بين السفراء من يعتقد أنّ مثل هذا الحراك كان ينبغي أن ينتظر اجتماع ممثلي “الخماسية” المرتقب في الرياض أو غيرها أولاً، ليأتي تحرّك السفراء بمثابة “ترجمة لنتائجه”، فإنّ العارفين يؤكدون وجود “اختلاف في الرؤى” بين السفراء حول الاستحقاق الرئاسي ككلّ، بل حتى حول الربط بينه وبين الوضع الأمني، الناجم عن التوتّرات الحدودية بين “حزب الله” والعدو الإسرائيلي، والسيناريوهات المحتملة بشأنه.
 
هل تنضم إيران؟ 
لكن، بمعزل عن وجود خلافات أو تباينات، يبدو الثابت بحسب العارفين أنّ الأمر تفصيليّ، وأهمّ ما فيه أنّ ثمّة نشاطًا متجدّدًا لـ”الخماسية” بعد مرحلة غير قصيرة من الجمود والانكفاء، علمًا أنّ حراك سفراء “الخماسية” ليس هو الأساس برأي هؤلاء، فالأنظار تبقى مشدودة بانتظار اللقاء الأشمل المرتقبة لممثلي الدول الخمس، والذي يرجَّح أن يُعقَد في العاصمة السعودية الرياض، والذي يفترض أن يفتح “نافذة” أمام “خرقٍ ما”.
 
وإذا كان مجرّد حصول حركة ما على خط “الخماسية” أمرًا يُقرَأ بإيجابية بالنسبة لكثيرين، فإنّه يعيد فتح نقاش قديم جديد في الأوساط السياسية، حول مدى قدرة الدول المشاركة في هذه اللجنة على إيجاد المخارج للمأزق الرئاسي، طالما أنّ دولة مؤثّرة أخرى لا تزال مغيَّبة عن “الخماسية”، في إشارة إلى إيران تحديدًا، التي يقول العارفون إنّ دورها قد يكون اليوم أكثر تأثيرًا من السابق، في ضوء المتغيّرات التي حصلت في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد عملية “طوفان الأقصى”.
 
يقول العارفون إن مسألة انضمام إيران إلى اللجنة نوقِشت سابقًا، وإنّ لا مؤشّرات تدلّ على أنّ تغييرًا يمكن أن يحصل على خطّها، في ظلّ ما يشبه “الفيتو” من بعض أعضاء “الخماسية”، علمًا أنّ الاتصالات مفتوحة مع طهران خصوصًا عبر الخط القطري، ما يعني أنّ اللجنة لا تغيّب دورها، بل إنّ هناك من يشير إلى لقاء السفيرين السعودي والإيراني، كنقطة “فاصلة ومعبّرة” في هذا السياق، ولا سيما أنّ حركة لافتة للسفير السعودي أعقبته على أكثر من خط.
 
ليس جديدًا فتح النقاش حول ضرورة ضمّ إيران إلى “الخماسية”، باعتبار أنّ طهران تملك حقّ “الفيتو”، بشكل أو بآخر، على أيّ قرار يتوصّل إليه أطرافها، ولا يرضيها، أو ربما على العكس من ذلك، يمكن أن يكون “مسهّلاً” لأيّ قرار تتّخذه، مع الأطراف التي “تمون” عليها. لكن ثمّة من يسأل عمّا إذا كانت الإشكاليّة مطروحة أصلاً في الوقت الحاليّ، في ضوء اعتقاد أنّ الرئاسة ليست “على أجندة” إيران وحلفائها، حتى انتهاء حرب غزة!