إشتعال ميداني وتدمير ممنهج إسرائيلي يحول القرى الجنوبية إلى منكوبة

5 فبراير 2024
إشتعال ميداني وتدمير ممنهج إسرائيلي يحول القرى الجنوبية إلى منكوبة


لم يكن تطورا عابرا ان تشهد الجبهة الجنوبية للحدود اللبنانية الاسرائيلية احتداما بمنسوب مرتفع جدا في اليومين الأخيرين على وقع خلفيتين تضعان هذه الجبهة في عين العاصفة ربما اكثر من جبهات غزة نفسها: الخلفية الأولى تتمثل في تهديد إسرائيل بانها ستمضي في المواجهات على الجبهة الشمالية مع” حزب الله” حتى لو توقفت الحرب في غزة، الامر الذي يعد تطورا متقدما للغاية في رسم نيات الدولة العبرية حيال لبنان ووضع عودة المستوطنين الى الشمال وإبعاد “حزب الله” عن الحدود شرطا جوهريا لوقف المواجهات. وهو الأمر الذي يبدو انه السبب الأول والاساسي في الرد العنيف المزدوج ميدانيا الذي تولاه “حزب الله” وكذلك حركة “أمل” امس اذ تعتبر كثافة الهجمات التي شنها كل منهما على طول خطوط المواجهة الحدودية مع إسرائيل قياسية منذ تاريخ اندلاع المواجهات في الثامن من تشرين الأول الماضي، وفق ما كتبت” النهار”.

وافاد خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ”البناء” الى أن هذه التهديدات الاسرائيلية تندرج في إطار رفع معنويات جيش الاحتلال وتطمين المستوطنين بإطلاق وعود كاذبة بأن حكومة الاحتلال ستقوم بإجراءات عسكرية على الحدود لإبعاد حزب الله وفرقة الرضوان خصوصاً الى شمال الليطاني وإعادة المستوطنين الى الشمال”. وأشار الخبراء الى أن “التهديدات الإسرائيلية لن تغيّر في المعادلة العسكرية في غزة ولا في المعادلة على الحدود مع لبنان في ظل فرض المقاومة معادلات صعبة على الاحتلال الذي جنّد كل عواصم العالم للضغط لتوفير الأمن للمستوطنين”.
ولفت الخبراء الى أن “الجيش الإسرائيلي لم يعد باستطاعته خوض جبهة جديدة ومعركة برية على الحدود مع لبنان بعد حجم الخسائر الفادحة التي تعرّض لها في غزة، وبالتأكيد أخذت قيادة الاحتلال العبر من حرب غزة وتفهّم أبعاد ومخاطر الحرب على لبنان”، لكن الخبراء لا يستبعدون تصعيداً إسرائيلياً جوياً واستهداف المدنيين والقرى الجنوبية الحدودية للقول للمستوطنين إننا نسعى من أجل توفير أمنكم، لكن بالتأكيد لن يؤدي التصعيد الجوي الى نتيجة ولن ينجح بإبعاد حزب الله عن الحدود.وكتبت” الشرق الاوسط”:حوّلت الاستهدافات الإسرائيلية القرى المقابلة لحدودها في جنوب لبنان، إلى بللدات «منكوبة» لا يقطنها العدد الأكبر من سكانها، وتفتقد الخدمات الأساسية، وسط تبادل متواصل للقصف بين إسرائيل و«حزب الله»، وانتقال إسرائيل نحو «تدمير ممنهج للمنازل والتجمعات السكنية» في القرى المواجهة للحدود.وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الضرر من القصف الإسرائيلي لحق 46 قرية، ويقدر الدمار في كل بلدة بما نسبته 10 بالمائة، لافتة إلى عدم وجود إحصاء دقيق بعد لعدد الوحدات السكنية المدمرة أو المتضررة من القصف الإسرائيلي، لكن التقديرات الأولية حتى الأسبوع الماضي، تشير إلى أن هناك ما يزيد على 1000 وحدة سكنية تعرضت لتدمير كامل أو جزئي، تتصدرها قرية كفركلا التي تعرض فيها نحو 200 منزل لإصابات أو تدمير، وهي البلدة التي تواجه مستعمرتي المطلة ومسكافعام الإسرائيليتين. ووفق مصادر ميدانية تعرضت البلدة لقصف مدفعي وغارات بالمسيرات والمقاتلات الإسرائيلية، وذلك منذ اليوم للعمليات العسكرية.وبينما يحول القصف المتواصل دون إجراء مسوحات دقيقة للأضرار، قالت المصادر إن عدداً كبيراً من البلدات تعرضت للقصف والغارات من بدء الحرب في 8 تشرين الأول الماضي. وتجاوز عدد القرى المستهدفة 90 قرية، وفق تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بلبنان في كانون الأول الماضي، وهو رقم تصاعد منذ ذلك الوقت ليناهز 100 بلدة مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في العمق. وقالت المصادر إن 46 بلدة تعرضت 10 بالمائة من منازلها لأضرار جراء القصف، وتتراوح بين التدمير الكلي أو الجزئي أو الأضرار الطفيفة، فضلاً عن مشاغل صغيرة ومتاجر تجارية يرتادها السكان، فضلاً عن منشآت حيوية مثل شبكات الكهرباء ومحطات ضخ المياه وشبكات الطرقات والحقول الزراعية والأشجار المثمرة… وغيرها من مقومات الحياة في المنطقة.وأدى القصف المتواصل والمتصاعد نوعياً، إلى دفع نحو 100 ألف نازح من القرى الحدودية إلى العمق، وفق ما قال وزير الشؤون الاجتماعية، مع أن الأرقام الصادرة عن «منظمة الهجرة الدولية» ووزارة الصحة اللبنانية تشير إلى أن عدد النازحين من الجنوب تجاوز 83 ألفاً. ويعود الفارق، وفق ما تقول مصادر رسمية، إلى أن قسماً من النازحين «لم يسجل في قوائم النازحين، وسكنوا في منازل لأفراد عائلاتهم أو أصدقاء لهم في العمق.