يبدو أنّ إسرائيل مصمّمة على اجتياح مدينة رفح القريبة من الحدود المصريّة، وهي تعمل في الوقت الحاليّ على وضع خطّة لنقل النازحين من غزة إلى منطقة أخرى، لتنفيذ عمليّتها العسكريّة، لاعتقادها أنّ “حماس” تقوم بتهريب الأسلحة من مصر، تحت الأرض، لتبرير قضائها على آخر مقاتلي حركة المقاومة الفلسطينيّة، لافتة إلى أنّ هناك 4 كتائب متبقيّة لها.
وفي موازاة ذلك، خرج مسؤولون إسرائيليّون ليقولوا إنّه بعد انتهاء تل أبيب من حربها على غزة، فإنّهم لن يُوقفوا استهداف المناطق الجنوبيّة واللبنانيّة، وسيستمرّون بقصف مواقع “حزب الله”، مشيرين إلى أنّ نهاية الحرب في فلسطين ليست مرتبطة بوقف إطلاق النار في لبنان.
ويعني التصعيد الإسرائيليّ مع “حزب الله” بحسب مُطّلعين على مجريات الحرب، وآخره قصف موقعين في محيط بعلبك، لأوّل مرّة منذ العامّ 2006، أنّ رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو يبحث عن فتح جبهات إضافيّة، كيّ يُحقّق نصراً عسكريّاً، وليبرهن للإسرائيليين أنه قد انتقم لهم على ما حدث في 7 تشرين الأوّل الماضي، وعلى تهجيرهم من المستوطنات الشماليّة، بهدف البقاء في موقع الحكم، وعدم انتهاء مشواره السياسيّ.
ولكن أبعد من ذلك، فإنّ نتنياهو يبحث عن مكاسب ميدانيّة مع “حزب الله”. ويُشير مراقبون عسكريّون إلى أنّ إسرائيل تُريد أنّ يُطبّق “الحزب” القرار 1701، ودفعه إلى ما وراء الليطاني، وهي تُهدّد باستخدام القوّة العسكريّة لتحقيق ذلك، عبر شنّ حربٍ على لبنان. فكما استمرّت حربها خلافاً لكلّ التوقّعات في غزة، واجتاحت مدن القطاع، ولم يتبقَ لديها سوى رفح للتخلّص من خطر “حماس” على مستوطنات غلاف غزة، تعمل في الوقت عينه على إعادة مواطنيها إلى المستعمرات المُحاذية للبنان.
وقد ساهم القصف اليوميّ لـ “حزب الله”، بإحداث أضرار كبيرة في منازل وممتلكات الإسرائيليين، وقد ترك أغلبية المستوطنين بيوتهم، وهم لا يستطيعون الرجوع إلى مناطقهم من دون توقّف القتال مع “المقاومة الإسلاميّة”. ويُشير المراقبون إلى أنّ تل أبيب تدفع بقوّة مع الولايات المتّحدة الأميركيّة والدول الأوروبيّة، إلى إبعاد “الحزب” عن الخطوط الأماميّة في الجنوب، وعدم الاكتفاء فقط بتطبيق الـ1701، لأنّها تبحث عن راحة مواطنيها وأمنهم لفترة طويلة، تماماً كما تفعل في غزة.
ويتوقّع المراقبون أنّ يُوقف “حزب الله” استهداف المواقع الإسرائيليّة، فور الإعلان عن التوصّل إلى هدنة في غزة، وصولاً إلى انتهاء الحرب، لكنّ الأخير أعلن على لسان أمينه العامّ السيّد حسن نصرالله، أنّه مستعدّ لأيّ تطوّر، إنّ بَقِيَت تل أبيب مُواظبة على إطالة عدوانها على لبنان. ويقول المراقبون إنّ “الحزب” سيُبقي على “قواعد الاشتباك” طالما أنّ إسرائيل مُلتزمة بها، وسيخرج عنها وسيردّ بطريقة أخرى أكثر قسوة، في كلّ مرّة يُوسّع العدوّ من قصفه واستهدافه للمدنيين والمناطق اللبنانيّة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك معارضة في الخارج، بتوسيع رقعة الحرب إلى لبنان، وأميركا تعمل مع حلفائها الأوروبيين على تجنّب ذلك. في المقابل، فإنّ الانتخابات الرئاسيّة في الولايات المتّحدة تقترب، وسيُركّز الرئيس جو بايدن وفريقه على الحملات الانتخابية لضمان فوزه، ما يعني وفق المراقبين، أنّ الحرب بين إسرائيل و”حماس”، وإمكانيّة تمدّدها قد لا تبقى من أولوياته، وأيضاً، قد يخسر السباق الرئاسيّ، ما سيُحرّر نتنياهو من الضغوط الأميركيّة.
ويُشير المراقبون إلى أنّ إسرائيل تحجّجت أنّها ردّت على إسقاط “حزب الله” لإحدى مسيّراتها، بقصف بعلبك، لكنّها أرادت أنّ توصل رسالة إلى “المقاومة”، بأنّها قادرة على توجيه ضربات ضدّ مواقع “الحزب” في أيّ منطقة في لبنان، وليس فقط في الجنوب.
ويقول المراقبون إنّ إسرائيل أرادت من قصفها بعلبك، أنّ تُحرج “حزب الله” أمام بيئته، فهو لا يستطيع أخذ البلاد إلى حربٍ، في ظلّ الوضع المعيشيّ والاقتصادي الصعب، ما يعني أنّ ردّه سيكون مضبوطاً، وقد يستهدف مواقع عسكريّة حساسة، باستعمال أنواعٍ جديدة من الأسلحة، في رسالة واضحة إلى أنّه جاهزٌ لأيّ طارئ، لكنّه لا يتمنّى خروج المعارك عن السيطرة.
ويلفت المراقبون إلى أنّ هناك صعوبة كبيرة بقيام إسرائيل بعمليّة بريّة في لبنان، كيّ تُبعد “حزب الله” إلى شمال الليطاني، فهي لم تستطع في العامّ 2006 من تحقيق هذا الهدف، ولم تنجح في تدمير قدرة “الحزب” العسكريّة، لذا، يرى المراقبون أنّ تل أبيب تعمل في الوقت الحالي على اغتيال أبرز قادة “الحزب”، للحدّ من قدراته على توجيه الضربات للمستوطنات والمراكز العسكريّة الحدوديّة.