كتب فؤاد بزي في” الاخبار”: «وصل الشغور في الإدارة العامة إلى 72.5%» وفقاً لما تقول رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي. فمن أصل 27 ألف وظيفة في الإدارة العامة، هناك 19600 وظيفة شاغرة و7400 موظف فقط. لذا، «مستحيل أن نستمر بعدم التوظيف»، تقول مشموشي. وأخطر ما يحدث «بلوغ نسبة الشغور بين موظفي الفئة الثانية 80%». فهؤلاء هم «الطبقة القيادية التي تحضّر القرار، سواء للمدير العام أو للوزير، «والآن تضمحل هذه الطبقة الماهرة والخبيرة». صحيح أن السلّم الوظيفي في الإدارة العامة في لبنان ينقسم إلى 5 فئات أعلاها الفئة الأولى، لكن الإدارة تقوم على أكتاف الفئتين الثانية والثالثة. موظفو الفئة الثالثة «يدخلون إلى الخدمة عبر المباريات حصراً، أما موظفو الثانية فيرفّعون بشروط من الثالثة».وبسبب عدم إشغال الوظائف في الفئة الثانية، تلجأ الوزارات إلى التكليف «المخالف للقانون» على حدّ توصيف مشموشي. تُشير إلى أنه لا يجوز ترتيب نتائج قانونية على أعمال المكلفين الذين هم من الفئتين الرابعة والخامسة، وفي بعض الأحيان من الأجراء. «والخطورة الأكبر تكليف مديرين عامين من فئات أقل ومتعاقدين». فعلى سبيل المثال، إن «كلّ القائممقامين مكلّفين»، وهو ما يدفعها إلى التساؤل: «ماذا يعني وجود مراقب ضرائب رئيسي مكلّف، وهو لديه القدرة على الوصول إلى ملفات حسّاسة؟ فالمكلف مرتهن للذي كلّفه، وبكل بساطة يمكن تغيير المكلّفين، إذ يحضر كلّ وزير طاقمه الخاص من المكلّفين».
Advertisement
أما المصيبة الكبرى المترتبة عن الشغور، فتكمن في القادم من الأيام؛ فالموظفون الحاليون لن يبقوا إلى الأبد، بل سيخرجون تباعاً إلى التقاعد، إذ إنه «في عام 2024 سيخرج 453 موظفاً إلى التقاعد، من دون احتساب أفراد الهيئة التعليمية، وفي عام 2025 سيخرج 450 موظفاً». وتتوقّع مشموشي «زيادة أكبر في الشغور بسبب خروج أعداد إضافية من الموظفين لأسباب أخرى مثل الزواج أو طلبات إنهاء الخدمات». خلال 6 سنوات، «حتى عام 2030 ستخسر الإدارة العامة 2850 موظفاً بناءً على السن القانونية فقط، وفي 15 مؤسسة عامة خاضعة للمجلس سيخرج 670 موظفاً، ومن البلديات 300». إذاً حتى عام 2030 سيبقى 4 آلاف موظف فقط في كلّ الدولة اللبنانية.
وبعد إنجاز المسح الوظيفي الذي كان شرطاً لإعادة فتح باب التوظيف، وجد المجلس شغوراً بنسبة 70% في كلّ الإدارات العامة، حتى دوائر مجلس الخدمة تعاني الشغور بنسبة 78%، إذ «لا يوجد رؤساء مصالح ودوائر». فالدولة «خسرت الكفاءات» تقول مشموشي. إضافة إلى الراحلين عن الوظيفة لأسباب عائلية «كل الموظفين أصحاب الخبرات الطويلة في العمل الإداري الذين تعاملوا مع المنظمات الدولية يغادرون الوظيفة العامة، وهذه كفاءات نخسرها فعلاً». من هنا فإنّ غاية مجلس استقطاب موارد بشرية كفوءة وقادرة على رفع الأداء الحكومي، والحفاظ على الموارد البشرية الموجودة في الخدمة.
وحتى الآن لم يتمكن المجلس من إعادة إدارة عجلة المباريات رغم موافقة مجلس الوزراء على تنظيم مباراة لمصلحة رئاسة الجمهورية والحكومة ووزارة المالية لتوظيف مبرمجين. «موازنة عام 2024 رصدت مليار ليرة فقط لتنظيم المباريات، أي نحو 10 آلاف دولار، وهذا المبلغ لا يكفي لاستقطاب أساتذة الجامعات وتعيينهم في اللجان الفاحصة، فتعويضات اللجان في المجلس لا تزال على ما كانت عليه قبل عام 2019، وعند المطالبة بتعديل موازنة المباريات تجاوب رئيس لجنة المال ووعد بالموافقة على مضاعفتها 60 مرة، ولكنّها صدرت على ما هي رغم مراسلات المجلس للجنة المال للمطالبة بالتعديلات»، تقول مشموشي.