لا يبدو سيناريو الردّ الاسرائيلي الذي تلوح به تل ابيب بعيداً عما قامت به طهران في ردها على قصف الطائرات الحربية الاسرائيلية للسفارة الايرانية في دمشق، بمعنى أن تل ابيب ستقوم بمجموعة كبيرة من الاستهدافات الجوية في الوقت نفسه ضدّ مواقع عسكرية لـ “حزب الله” في الداخل اللبناني وعلى كامل مساحة البلد، من البقاع الشمالي الى الجنوب من دون ان يكون هذا المستوى من القصف مستمراً او دائماً، لذا فإن الردّ هو عبارة عن ضربة واحدة ينتهي التصعيد بمفهومه الاسرائيلي عند نهايتها.
السؤال الابرز يكمن في ماذا تريد إسرائيل من ضربتها هذه التي يبدو أنها مصرة على تنفيذها بالرغم من الوساطات والمساعي الخارجية؟ بحسب مصادر مطلعة فإن تل ابيب تريد أولاً تحقيق نصر شكلي امام الرأي العام الاسرائيلي، وتحديداً امام مستوطني الشمال وذلك ما يعطيهم شعور بأن دولتهم قادرة على ردع “حزب الله” وتملك في مواجهته عامل المبادرة الامر الذي سيشجعهم على العودة الى مستوطناتهم فور انتهاء الحرب ووقف اطلاق النار في جنوب لبنان.
اما الهدف الثاني لاسرائيل فهو تنفيذ ضربة مؤلمة فعلياً لـ “حزب الله”، وذلك من خلال استهداف عدد كبير من مخازنه ومراكزه ومصانع اسلحته الاستراتيجية، وهذا الامر سيؤدي، من وجهة نظر اسرائيلية الى تراجع الحزب سنوات الى الوراء، ما يعطي تل ابيب تفوقاً جدياً عليه ويعطيها هامشاً زمنياً يمكنها من خلاله اعادة تأهيل جيشها وتدريبه بعد انتهاء الحرب، كل ذلك يعني أن اسرائيل ستعمد الى حملة جوية فعلية وليس حملة مشابهة لما قامت به في الحديدة حيث شحّ المعلومات الاستخبارية عن مواقع اليمنيين العسكرية..
لكن هل يرد “حزب الله”؟ ابلغ الحزب جميع من تواصلوا معه ان رده سيكون حتمياً وحجمه مرتبطا بحجم الضربة الاسرائيلية لكن الحزب يؤكد بشكل علني وفي الدوائر المغلقة أن رده لن يكون شكلياً او من باب رفع العتب بل سيؤلم وسيردع اسرائيل ويمنعها من القيام بمثل هذه الضربات متى شاءت. اذا سيرد الحزب بضربات صاروخية كثيفة وغير مسبوقة وضد مواقع اسرائيلية لم تستهدف بعد، كما ستكون له ضربات عبر المسيرات الانتحارية وبشكل كثيف ايضاً مقارنة بما كان يحصل في الاشهر العشر الاخيرة.
يبقى تدحرج المعركة الى حرب من دون سقوف وارداً وفق كل التحليلات والمعطيات، وهذا يرتبط بأمرين، الاول اصابة الضربة الاسرائيلية للمدنيين، اذ ان هذا الامر يعني أن الحزب سيرد من دون سقوف وهذا امر لا تراجع عنه حتى لو اوصل الى حرب مفتوحة، اما الامر الثاني فهو تجاوز بعض الخطوط الحمر المرتبطة بالاهداف المستهدفة وعندها سيكون الردّ متماثلاً ما قد يؤدي الى ردّ مضاد وهكذا، اما في حال بقي الردّ الاسرائيلي ضمن الحدود واستهدف بعض المخازن وبعض المراكز الفارغة فإن ردّ الحزب سيكون محدوداً ايضاً.
لا تزال بعض التفاصيل غامضة، منها حجم الضربة الاسرائيلية ومداها الزمني والجغرافي، لكن وضوح هذه الامور سيؤدي الى الوصول لتصور واضح ما اذا كانت الامور ستتجه الى ايام قتالية ام حرب مفتوحة، لكن الاكيد أن الضربة الاسرائيلية حاصلة الا اذا استمرت وتطورت الفوضى المفاجئة التي طرأت على الداخل الاسرائيلي.