الغابات في لبنان أمام مصيرين بائسين: إمّا أن تقع ضحية الحرائق المفتعلة، وإمّا أن تصبح لقمة سائغة في فم مافيات الحطب. وعن هذه الظاهرة التي باتت ثابتة منذ بدء الأزمة، نتحدث. ففي حين تتفاقم الجرائم البيئية “على مد عينك والنظر”، يتزايد مع بدء كل فصل شتاء منسوب قطع الأشجار المعمّرة للاستفادة من حطبها كوسيلة للتدفئة.
تدمير ممنهج للثروة الحرجية
وفي هذا الإطار، يقول رئيس حزب البيئة العالمي الدكتور دومط كامل لـ”لبنان24″ إن جريمة قطع الأشجار بدأت باكراً هذا العام في لبنان وفي أماكن عديدة، خاصة الجبليّة منها.
واعتبر كامل أن ما يحصل هو تدمير ممنهج للثروة الحرجية من قبل تجار الحطب والأشخاص الذين بدأوا بشرائها من أجل تجهيز أنفسهم لفصل الشتاء، وهناك طلب كبير هذا العام بسبب غلاء أسعار المازوت.
وفي حين شدد على أن الثروة الحرجية في كل لبنان مهددة بسبب القطع العشوائي، تحدث بشكل خاص عن وادي نهر ابراهيم، الذي يشهد مجزرة بيئية كبرى حيث الإهمال سيّد الموقف، فضلاً عمّا يحصل بقاعاً أيضاً في سلسلتي لبنان الغربية والشرقية حيث يتمّ قطع الأشجار واستقدام الحفارات لإزالة جذور الأشجار المقطوعة بشكل كامل كي يتم بيعها، معتبراً أن هذا الأمر خطير جداً.
كما تحدث عن جبال القموعة والعاقورة، حيث يتم وبشكل هائل قطع الأشجار المعمرة وخاصة من نوع اللزاب والشوح، من دون أي حسيب ولا رقيب.
ودعا كامل الأجهزة الأمنية للتحرك سريعاً لوقف هذه الممارسات الشنيعة بحق البيئة اللبنانية على الرغم من كون هذا الأمر شبه مستحيل لأن الأجهزة الأمنية لا تملك حاليا الوسائل اللازمة للقبض على مرتكبي هذه الجرائم والبحث عنهم في الجبال، ما أدى بهم إلى اغتنام هذا النقص لفعل ما يريدون بالأشجار.
من هنا، اعتبر أن الوقت حان لوضع خطة مراقبة للتعامل مع هذه الكارثة التي من شأنها تدمير لبنان، خاصة وأن الأشجار هي التي تنظف الهواء وهو ما نحتاج إليه بشكل كبير الآن بسبب تلوث الهواء إثر الحروب الدائرة والغبار المنتشر في كافة أرجاء البلاد.
وشدد على أن أشهر أيلول وتشرين الأول والثاني ستشهد تدميرا هائلا للثروة الحرجية والغابات والاشجار المعمرة في كل المناطق اللبنانية.
وزير الزراعة
وكان وزير الزراعة عباس الحاج حسن قد تناول أزمة قطع الأشجار بشكل عشوائي، قائلاً إن محاضر ضبط بالمئات قد تمّ تسطيرها، ولكنها لا تعتبر رادعاً أمام المرتكبين بسبب قيمتها المادية المتدنية، مشيراً إلى أنه بات من الضروي جداً “زجر القانون للمرتكبين”.
ولفت في هذا الإطار إلى أن وزارة الزراعة تعتمد نهجاً متشدداً في هذا الموضوع وعلى وجه الخصوص في متابعة من يخالفون رخص التشحيل، مؤكداً التعاون الوثيق بينها وبين القوى الأمنية والمحافظات والبلديات.
من هنا، طالب الحاج حسن بإيجاد حلّ نهائي لهذه المشكلة البيئئية الخطيرة عبر نهضة وطنية ثابتة من شأنها أن تحافظ على الثروة الحرجية في لبنان ودوره الثابت كرئة الشرق الأوسط.
ما من رادع قوّي إذاً بوجه من يجد لذّة في قطع أشجار معمّرة بهدف الحصول على كومة من المال. فهل نشهد مع تفاقم هذه الأزمة، ثورة في دهاليز القوانين البالية التي من المفترض أن تحمي لبناننا الأخضر؟