شككت أوساط سياسية بجدية ما تبثه وسائل اعلام إسرائيلية حول تقدم في مفاوضات الهدنة مع لبنان وغزة، مشيرة الى أنها في اطار المناورات الإسرائيلية التي تعوّدنا عليها في غزة طيلة العام والماضي وسبق أن قامت إسرائيل بمناورات تفاوضية مع لبنان أيضاً. وحذرت الأوساط من هذا البث الكثيف والمتعمّد للمعلومات عن أجواء إيجابية، وقد تكون مناورة لتحميل حزب الله ولبنان مسؤولية عرقلة وقف إطلاق النار،
وكتبت” النهار”؛ تسابقت إسرائيل وإيران في المناورات الحربية من جهة والدبلوماسية من جهة مقابلة لتوظيف حساباتهما في حرب لبنان بما يلائم كل منهما في الفترة الانتقالية للرئاسة الأميركية الشديدة الحساسية والحرج قبل شهرين ونيف من انتقال السلطة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وقبل أن يتبلّغ لبنان الرسمي أي إشعار بعودة محتملة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، مع ترجيح عدم حصول أي تحرك وشيك هذا الأسبوع على الأقل، إنبرت إسرائيل الى استكمال مناورتها في تسريب مشاريع ومعطيات تجريبية لما يسمى مشروعاً لوقف النار على الجبهة اللبنانية بينما صعّدت عملياتها الحربية واتسمت الساعات الاخيرة بضراوة تبادل الغارات الإسرائيلية وجولات القصف الصاروخي لـ”حزب الله”.
وأما ايران، فانبرت من جانبها لتوظيف مشاركتها في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي انعقدت أمس في الرياض لتظهير دور مخالف واقعياً لدورها في إذكاء الحربين على غزة ولبنان من خلال ذراعيها “حماس” و”حزب الله”، علماً أن مقررات القمة التي شددت على إنهاء الحربين لا تحجب ضمناً تبعة طهران في الجحيم الذي يعيشه قطاع غزة ولبنان.
وعلى رغم الضبابية الكبيرة التي اكتنفت حقيقة ما تداولته وسائل اعلام إسرائيلية من مزاعم عن تبادل وثائق بين لبنان والولايات المتحدة وإسرائيل في شأن مشروع اتفاق لوقف النار في لبنان، قالت مصادر معنية لـ”النهار” إن أي تطور جدي لم يتبلغه بعد لبنان، ولكن هذا لا يعني اغفال وجود تحركات مهمة للوصول إلى طرح مشروع مماثل وهو أمر مرتقب بعد اللقاء الأول والبارز الذي سيجمع غداً الاربعاء في البيت الابيض الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، والذي، وفق ما بلغ بعض الأوساط اللبنانية المتابعة في واشنطن، سيكون من بين العناوين العريضة للاولويات التي سيطرحها الرئيسان ملف تبريد الحربين وخفض العنف والتصعيد في غزة ولبنان خلال الفترة الانتقالية.
ولعل هذه المناخات دفعت إيران إلى ابراز “رعايتها” المحتملة المسبقة لموافقة “حزب الله” على التزام موجبات القرار 1701، فبادر رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف إلى الاتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري والتأكيد له “وقوف الجمهورية الإسلامية الايرانية الى جانب لبنان ومؤازرته بتنفيذ القرار الأممي رقم 1701”.
وكتبت” اللواء”: على صعيد المفاوضات التي يكتنفها الغموض على رغم استمرار لضخ الايجابي الاسرائيلي حول «تقدم الاتصالات بين واشنطن وتل ابيب وعواصم اخرى بشأن وقف اطلاق النار» وتحضير مسودات بمقترحات من هنا وهناك، فإن الثابت حسب ما قالت مصادر متابعة لـ «اللواء» ان شيئاً لم يصل الى لبنان لابشكل رسمي ولا بشكل اتصالات مع الجانب اللبناني حول ماهو الجديد في مسودة المقترحات، وكلما يتم تداوله تسريبات للإعلام العبري حول تضمن المسودة طلبات وشروط اسرائيل السابقة بإبعاد قوات المقاومة عن الحدود الى ما وراء نهر الليطاني وضمان عدم دخول السلاح اليه عبر سوريا وانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من نقاط تواجدها مقابل الحدود اللنانية مع حقها بالقيام بعمليات في لبنان في حال خرق الاتفاق. وكل هذه شروط وصلت سابقا الى الرئيس نبيه بري وميقاتي وعبرهما الى حزب لله وتم رفض كل هذه الشروط.
ومع ذلك لا بد من انتظارما تردد عن زيارة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى تل ابيب وبيروت، والتي لم يتم تحديد موعدها بعد لمعرفة ما هي المقترحات الجديدة، لاسيما بعدما دخل الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب على خط الاتصالات مع نتنياهو وهوكشتاين وشجع الاخير على المضي في مسعاه لعقد صفقة تنهي الحرب.
واعلن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ان لبنان يرفض ما وصله من شروط اسرائيلية لوقف النار.
وقال مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق ديفيد شنكر ان الآلية وراء القرار 1701 نشر 7 الى 10 آلاف جندي في الجنوب والتفكيك الفعال لبنية حزب الله التحتية ومصادرة الاسلحة، مستبعداً التوصل الى وقف النار، لأن اسرائيل لن تسمح لحزب الله بإعادة تجميع نفسه وجزء من العمل على الحدود للتأكد من ان الاسلحة المهربة لن تجد طريقها مرة اخرى الى البلد، وسيطلب من لبنان ان يطبق سيادته على حدوده واراضيه.
وقال: لا اعلم من سيخلف هوكشتاين، ربما مسعد بولس، وقد لا يكون هناك مبعوث للبنان بل مساعد وزير ويقوم بالعمل نفسه.
وكتبت” الديار”: اذا كانت الساعات القليلة الماضية، قد حملت معها مزاعم «اسرائيلية» بوجود اجواء ايجابية بخصوص الحرب على لبنان، تزامنا مع وجود وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر في واشنطن، حيث يناقش مع وزير الخارجية انتوني بلينكن والمبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين سبل وقف الحرب، فان وزير الحرب يسرائيل كاتس اعاد الامور الى «نقطة الصفر»، من خلال الاعلان امس رفض أي ترتيب لا يضمن نزع سلاح حزب الله وانسحابه الى وراء الليطاني، معلنا ان «اسرائيل» لن توافق على أي ترتيب في لبنان لا يضمن تحقيق أهداف الحرب، واضاف «لن يكون وقف للنار حتى تتحقق اهداف الحرب».
في هذا الوقت، لا تزال المصادر الرسمية اللبنانية على نفيها لتسلم اي مقترحات اتفاق، نافية التسريبات «الاسرائيلية» عن حصول تبادل بين»إسرائيل والولايات المتحدة ولبنان لمسودة اتفاق لوقف النار»، واشارت الى كل من الرئيسين بري وميقاتي لم يتواصلا مع المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين، الذي لم يطلب اي موعد في بيروت.
ووفقا لمصادر ديبلوماسية اوروبية فانها لم تلمس بعد جدية من قبل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لوقف اطلاق النار مع لبنان، ولفتت الى انه يكرر سيناريو عشرات المحاولات لبلوغ هدف مماثل في غزة خلال عام.
وكتبت” الاخبار”: توالت التسريبات داخل كيان الاحتلال حول مسوّدة وقف الحرب التي نُشرت خطوطها العريضة وتحدّثت عن مواعيد مفترضة لهدنة محتملة تبدأ في 20 الجاري لمدة تراوح بين 6 أسابيع و60 يوماً، يجري خلالها تنفيذ الاتفاق. لكنها بقيَت مجرد رسائل مصدرها الوحيد إسرائيل نفسها، وبعض الأصوات الحليفة لها في الولايات المتحدة. إذ لم يتلقّ أيّ مسؤول لبناني رسمي أو سياسي أو حتى أمني إشارة عملانية تدلّ على وجود مفاوضات حقيقية، وهو ما تأكدت منه الجهات العليا في لبنان. إذ إن ما يحصل هو مفاوضات بين إسرائيل والإدارة الأميركية، في محاولة لصياغة ما يراه الطرفان «الشروط المفترض بلبنان أن يقبل بها لوقف الحرب».
عملياً ليس في لبنان من يعوّل على هذه المعلومات، بل إن أوساطاً رسمية، ومعها أوساط قريبة من حزب الله، تتصرّف على أساس أن العدوّ سيواصل عدوانه، وأن ما يجري لا يتجاوز كونه تكراراً لمناورات المفاوضات في غزة، فضلاً عن أن ما يجري التفاهم عليه بين واشنطن وتل أبيب هدفه الوصول الى ورقة تتضمن «ما يمكن الأخذ به»، على أن يتم لاحقاً عرضه على لبنان باعتباره «الفرصة الوحيدة». ومع توقع رفض لبنان ما سيرد فيها من شروط إسرائيلية، سيخرج الأميركيون ومعهم إسرائيل لتحميله مسؤولية الرفض، ما يفتح الباب أمام مستويات جديدة من التصعيد وتوسيع العمليات العسكرية.
وبناءً عليه، واصلت الجهات السياسية والإعلامية في إسرائيل تسريباتها عن «فرصة لتوقف الحرب»، في إطار شراء رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو للوقت قبل دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، علماً أن تركيزه الفعلي هو إقناع الأخير بضرورة شنّ حرب على إيران.
وشككت أوساط سياسية بجدية ما تبثه وسائل اعلام إسرائيلية حول تقدم في مفاوضات الهدنة مع لبنان وغزة، مشيرة لـ”البناء” الى أنها في اطار المناورات الأميركية – الإسرائيلية التي تعوّدنا عليها في غزة طيلة العام والماضي وسبق أن قامت “إسرائيل” بمناورات تفاوضية مع لبنان أيضاً. وحذرت الأوساط من هذا البث الكثيف والمتعمّد للمعلومات عن أجواء إيجابية، وقد تكون مناورة لتحميل حزب الله ولبنان مسؤولية عرقلة وقف إطلاق النار، متسائلة كيف أن الحكومة الإسرائيلية ستذهب الى وقف إطلاق النار وترتكب سلسلة مجازر في لبنان وغزة وتحصد مئات الشهداء يومياً؟ وتستبدل وزير الحرب بآخر يدين بالولاء الكامل لنتنياهو ومعروف بتشدده وإجرامه الدموي؟ ولفتت مصادر مواكبة للتواصل مع الأميركيين أن لا ضغط أميركياً جدياً على “إسرائيل” باتجاه وقف إطلاق النار في لبنان ولا في غزة، كما أن لا تأكيدات أميركية للبنان بزيارة مرتقبة لهوكشتاين، ما يعني وفق المصادر بأن الحديث عن صيغ وأجواء إيجابية وتقدم في مباحثات وقف إطلاق النار، مجرد وقت ضائع يعطى للإسرائيلي لاستكمال جرائمه في سياق العمل على تحقيق أهدافه العسكرية أو فرض شروطه من خلال التفاوض تحت النار.
غير أن جهات دبلوماسية غربية أبدت عبر “البناء” تفاؤلها بقرب التوصل الى اتفاق هدنة قبل نهاية الشهر الحالي لأسباب داخلية تتعلق بفشل الجيش الإسرائيلي بتحقيق إنجازات ميدانية تؤدي الى تحقيق الأهداف والخلاف الداخلي بين الجيش والمستوى السياسي إضافة الى تغير الإدارة الأميركية مع إعلان الرئيس الجديد دونالد ترامب عزمه إنهاء الحرب لأسباب تتعلق برؤية ومقاربة جديدة على المستويين الإقليمي والدولي، ما يستوجب إنهاء حربي غزة ولبنان.