حريصون على نشر الفكر الإسلامي الوسطي

6 يوليو 2025
حريصون على نشر الفكر الإسلامي الوسطي

 

والتقى المفتي دريان الرئيس السوري أحمد الشرع ومنحه وسام دار الفتوى المذهّب، وألقى كلمة قال فيها : “أتينا إلى زيارتكم اليوم يا سيادة الرئيس للتهنئة، بعد طول غياب وغربة. لقد غيّبونا كما غيّبوا وغرّبوا عشرة ملايين من الشعب السوري، وعندما نأتي إليكم اليوم، لكي نتشارك في إصلاح الحاضر، وصنع المستقبل الزاهر”.

 

وأضاف: “سوريا مقبلة على انتخابات حرّة بقيادتكم، افتقدتها لأكثر من ستين عاماً. فأمل الحاضر استعادة معنى الدولة وممارساتها. أما أمل المستقبل القريب، فأن تعود سوريا القوية قبلة للعرب، وركناً في النهضة الجديدة، التي تبزغ أنوارها متغلبة على كل العوائق والعقبات. أرادوا بالمذابح والتهجير كسر إرادة الشعب السوري، فصمدتم، وقاومتم، وانتصرتم بالشجاعة والمسؤولية، وها أنتم تنصرفون لصنع الجديد والمتقدم لدمشق وللشام وللعرب” .

 

وتابع دريان: “نحن نقدّر إقدامكم على إزالة المشكلات التي تفككونها بالصبر والحكمة، ونحن نعلم أن الطريق شاق وعسير، لكثرة ما زرعوا فيه من ألغام، وما اصطنعوا من سجون قاتمة، وأنتجوا من مخدرات ومقابر جماعية. ثم إن هذا التآمر لم يتوقف بسقوطهم، وأكبر دليل على ذلك، تفجير الكنيسة بدمشق”.

 
وقال: “السوري لن يغلبه التطرّف، ولن يفت من عضده الإرهاب. كنا في لبنان – ونحن مبتلون بالطائفية والعصبيات – نضرب المثل بتماسك الشعب السوري، وأجواء الشام الرحبة، وها أنتم تستعيدون هذا الميراث العريق للمدنية العربية، والحضارة الإسلامية، لتعود سوريا مثلاً وقدوة، وحاضنة وحامية لمعاني النبل والمروءة، والوطنية والخير العام”.

 

وأضاف دريان: “رغم كوارث التهجير، فإن السوريين الذين انتشروا في جهات الأرض، صنعوا إضافات في كل البلدان التي حلوا فيها، شواهد على الألفة والإبداع، وصنع البناء الحضري والحضاري، وما دام الاستقرار قد توافر لهم في عهدكم، فنحن واثقون أنهم سيتمكنون في فترة قصيرة، إن شاء الله، من إعادة إعمار بلادهم وإعزازها”.

 

وتوجه إلى الشرع قائلاً: “أتينا إليكم كما يأتي الشقيق إلى شقيقه، فالدم لا يصير ماءً على طول المدة، وقد جاء في الأثر: (زر غباً تزدد حباً). لن نغيب بعد الآن مهما كانت الصعوبات، وسنقصدكم في كل ملمة بل وفرحة، شأن الشقيق مع شقيقه”.

 
وأشار إلى أن “في بلدنا لبنان اليوم عهداً جديداً، وحكومة واعدة، آمال اللبنانيين معلقة على ما احتواه البيان الوزاري، والقسم الرئاسي، اللذان هما بداية الطريق لإعادة بناء الدولة القوية والعادلة، الساعية لخدمة اللبنانيين جميعاً، ونهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه المخلصين بجناحيه المقيم والمغترب، ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه، ولا خلاص له إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي، الذي هو الضمانة لأمن لبنان واستقراره وسيادته، ووحدته الوطنية، وعروبته الحضارية، المؤمنة التزاماً بوثيقة اتفاق الطائف، الذي رعته المملكة العربية السعودية، وما زالت تواكب لبنان وشعبه ومؤسساته بعناية مخلصة، انطلاقاً من حرصها على كل القضايا العربية والإسلامية العادلة”.

وأضاف دريان: “لقد عانينا كما عانيتم، وخاصة في بيروت وشمال لبنان، فالأمل فيكم، وأنتم معروفون بالحكمة والصبر والحزم، لما فيه مصلحة سوريا وكل القضايا العربية والإسلامية، والتفهم، أن تستجد علاقات بين البلدين الشقيقين من نوع جديد، يقوم على الشراكة والتكامل، وعلى مواجهة الأعباء، وصنع الصداقات معاً، وتوطيد العلاقات الأخوية”، متابعاً: “في هذه الشهور القليلة، استطعتم أن تضعوا سوريا في مواقع من العرب والدوليين، ما عرفتها أبداً في ظل النظام السابق. والشعبان في سوريا ولبنان مبدعان ومسالمان، والأمل أن نستقر معاً، وأن نبني معاً، وأن ننسى معاً آلام الماضي الحافل بالاستيلاء والفزع والتوجس”.

وتابع: “لنا – لبنانيين وعرباً آخرين – آمال كبار بالشام. آمال الاستقرار والتنمية، والإعمار والعمران، والإسهام في مستقبل العرب. وآمال الحكم العادل والرحب، وآمال العلاقة الأخوية مع لبنان، بدون حساسيات ولا مشكلات تصنعها في الغالب الأطراف التي لا تريد الخير للبلدين”.

 

وختم دريان قائلاً: “بقيادتكم الشرعية، لن نسمح بأي فوات في الحاضر والمستقبل، نحن نتحدث معكم بالقلب والعقل. دمتم على هذه السيرة والمسيرة. وأنا وزملائي العلماء، نسأل الله سبحانه لسوريا ولكم الأمن والأمان، والتوفيق لأداء الأمانة التي يقتضيها ديننا، وتقتضيها عروبتنا لبلداننا وأمتنا، إنه سميع مجيب”.

وكان مفتي الجمهورية قد استهل الزيارة بأداء الصلاة في المسجد الأموي في دمشق تلتها جولة في أرجائه.

 

وزار دريان، والوفد الرسمي المرافق، وزير الأوقاف السوري، الشيخ محمد أبو الخير شكري، في مكتبه بالوزارة، حيث تم التأكيد على “أهمية التشاور والتعاون والتنسيق بين العلماء السوريين واللبنانيين للقيام بدورهم الفاعل في تأصيل الهوية”.

 

وكتبت “نداء الوطن”: مصادر ضمن الوفد المرافق ثمنت حفاوة الإستقبال الذي تلقاه الوفد منذ اللحظة الأولى لدخوله الأراضي السورية، مروراً بلقاء وزير الأوقاف، والصلاة في المسجد الأموي، وصولًا إلى لقاء الرئيس أحمد الشرع، وأشارت إلى أن اللقاء كان بداية للتعارف، ويمثل خطوة استراتيجية لإعادة بناء جسور الثقة بعد سنوات من الغياب، وهي زيارة تحمل رمزية كبيرة في التوقيت والمضمون، حيث عبّر الطرفان عن الرغبة في تجاوز الملفات العالقة من أجل استعادة عمق العلاقات السياسية والدينية والإجتماعية، وأضافت أنه تم نقاش العديد من القضايا الاستراتيجية، شملت بناء علاقات ثنائية على أسس الأخوة والشراكة، وبناء علاقات مؤسساتية، والحرص على استفادة البلدين، وترتيب وتنظيم الأمور سواء الوقفية وغيرها، وأكد الطرفان وفق المصادر الرفض المطلق للتطرف والإرهاب، والعمل على تعزيز التنسيق لمواجهة خطرها.

وأشارت المصادر إلى أن منح وسام دار الفتوى للرئيس الشرع لم يكن مجرّد تكريم شكلي، بل رسالة دينية وسياسية تعبر عن تقدير المرجعية الدينية اللبنانية لمواقف القيادة السورية الجديدة، وجهودها في خدمة البلاد، ودعمًا لاستعادة سوريا كقطب عربي حضاري وديني، وهو تأكيد على توجه دار الفتوى لتعزيز العلاقات مع دمشق عبر المراجع الدينية.