عون يُقاطع القمّة؟

18 فبراير 2019
عبدالله قمح
عبدالله قمح
beirut News

لم يكُن رئيس الجمهورية ميشال عون مسروراً بمستوى حضور العرب خلال القمّة الإقتصادية التنموية التي استضافتها بيروت أواخر الشهر الفائت، لكنه “بلع البحصة” نظراً لأن الأهمية تكمنُ بالنسبة إليه في ضرورةِ عقد القمّة بعد إتضاح وجود نوايا ترمي إما إلى تأجيلها أو إفشالها.

العارف بتاريخ ميشال عون، الضابط والعسكري السّابق، يدركُ سريعاً أنه ليس من النوع الذي ينام على ضيم، وعلى النحوِ نفسه، ليس ملماً كثيراً بالثأر، لكنه يهوى رد الإعتبار، فكيف إذا كان رئيساً للجمهورية وعمد بعض الزعماء إلى محاولةِ تصويره خلال القمّة وكأنه رئيساً لقمة يحضرها وزراء ومندوبين؟!

أمام العرب بعد أسابيع إستحقاق إنعقاد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمّة. موعد لا يريد عون، بحسب زواره، أن يمرّره مرور الكرام ومن دون أن يكون له بصمة أو رد فعل على ما حصل أثناء القمّة الإقتصادية.

خلال زيارة الأمين العام لجامعة الدُّول العربية، أحمد أبو الغيط، إلى بيروت قبل أيام حاملاً معه دعوة رسمية إلى عون للمشاركة في القمّة العربية – الأوروبية التي دعت إليها مصر في شرم الشيخ، حاول المسؤول العربي طرح موضوع القمّة العربية الدورية المزمع انعقادها في تونس الشّهر القادم، لكن عون بدأ أمام ضيفه مهتماً أكثر بالقمة العربية – الأوروبية من العربية الصرفة.

وحين كرّر أبو الغيط طرح موضوع القمّة العربية من زاوية تناول الأجواء التحضيرية لها في تونس محاولاً إستشراف شكل تمثيل لبنان فيها واستطلاع إحتمال وجود عتب لبناني قد يتطورُ إلى “شبه مقاطعة” عبر اللّجوء إلى تخفيضِ التمثيل، أبلغه رئيس الجمهورية بما يعني أن لبنان لم يأخذ بعد قراراً على أي مستوى سيشارك، لكنه لفت إنتباه ضيفه أنه يفصل بين القمتين، ما يعنيه ذلك أن ما بنسحب على قمّة شرم الشخص ليس من الضروري أن ينسحب على قمّة تونس أو العكس.

ثمّة توجُه لدى بعبدا ينقلهُ زوارها، من أنها تفضل المشاركة “على مستوى رئاسي” في قمّةِ شرم الشيخ، لما لها من أبعاد يستفيدُ منها لبنان على مستوى قضايا تهمه كالنازحين السوريين مثلاً، والأعم الأغلب أن يشارك عون شخصياً ويرأس وفد لبنان.

ينقلُ زوار القصر اجواءاً توحي أن سيده الذي لم يأخذ بعد قراراً على مستوى شكل المشاركة في تونس، يفضلُ نسبةً إلى الأجواءِ السّياسية الراهنة الملبدة في الإقليم، أن ينأى بلبنان عن الوضع السائد والتعقيدات في المنطقة، وبالتالي أن لا يكون تمثيل لبنان فيها على مستوى رفيع، بل يكفي أن يُحضَر على مستوى إما وزير خارجية أو بأفضل الأحوال رئيس حكومة يرأس وفداً رسمياً، سيّما وأن برنامج الجامعة لهذه الدورة ليس فيه شيء استثنائي، لا في الشأن السوري بعدما كبح الدفع صوب إعادة إستئناف العرب للعلاقات مع دمشق، ولا في الشأن الفلسطيني أو اليمني أو غيرهما، ومن الواضح الآن أن إهتمام العرب أو بعض العرب منصبٌ على مواجهة إيران!

هذا في العام أم في الخاص، فثمة إعتقاد أن خطوة عون إن حصلت، يمكنُ اعتبارها رسالة مباشرة ليست موجهة إلى الرّئيس التونسي الذي أعلنَ أولاً أنه سيشارك شخصياً في قمّة بيروت ثم تراجعَ عن ذلك، بل إلى القادة العرب الذين نأوا بأنفسهم عن لبنان، وكادوا يحوّلون القمّة إلى هزيلة لو لم يحضرها الرّئيس الموريتاني والعاهل القطري الذي كان له حضور لافت جذب الأضواء إلى القمّة مجدداً، إلى جانب مسودة البيان الأخير الذي أتاحَ للبناني حفظ حقوق أساسيّة يطالبُ بها كقضية النازحين وعملية إعادتهم غير الطوعية.