في المونولوغ “الأخير” بدا المرشد الأعلى للجمهورية في غاية الهدوء والتبصّر، فحدّد من موقعه ما يجوز وما لا يجوز بما خص كيفية تعاطي الدولة مع اللبنانيين الموزّعين بين أفريقيا وأوروبا وأميركا، وترك أمر التهديد بسحب الوزراء من حكومة بروفيسور دياب في عز “الحشرة” لرئيس مجلس النواب، ما يعني هذه المرّة أن “الإستيذ بيشدّ والسيّد بيرخي”.
بحسب ما جاء في كلمة السيد المتلفزة ومن دون جمهور وصفّ أوّل: “لا يجوز أن يكون هناك نقاش في حقّ هؤلاء بالعودة إلى لبنان مهما كانت الظروف والتحديات”، على اعتبار أن النقاش مع السيّد مفتوح في كل الملفات الوطنية ما عدا حق العودة غير القابل للنقاش.
وفي السياق نفسه أضاف السيد: “لا يجوز النقاش في وجوب قيام الدولة كلها بتأمين كل مستلزمات هذه العودة وأن تبذل كل جهد على هذا الصعيد”، وكأني سمعت مثل هذا الكلام من الأستاذ وليد جنبلاط ومن الدكتور سمير جعجع ولا يمكنني حيال ذلك من تمالك انفعالي الوطني “هاي هيّي هاي هيّي وحدتنا الوطنية”.
وإلى حق العودة أعلن السيّد أن “لا يجوز النقاش حتى في وجوب الإسراع بتأمين عودة الراغبين”، الإسراع غير قابل للنقاش وليس التسرّع. أدر يا حوتاً، عرفنا فيه النخوة، محركات طائرات الـ”ميدل ايست” وأعِد لنا أحباءنا المنتشرين في أصقاع الأرض.
نبقى في باب يجوز ولا يجوز، أيجوز، ووباء الكورونا يهدد البشرية جمعاء، ألّا يعود اللبنانيون الذين يقاتلون في إدلب وغيرها من المناطق السورية، دفاعاً عن نظام مجرم إلى بلدهم “مهما كانت الظروف والتحديات”؟ أليس المطلوب من الدولة استرداد مواطنيها أو أن أمراً كهذا غير قابل للنقاش؟ وهل يجوز إستمرار اعتقال مئات اللبنانيين وإخفائهم قسراً في سجون الأسد؟ قل كلمة بهذه القضية يا سيد.
لا يجوز أن يبقى اللبنانيون في سوريا ولا السوريون في لبنان، كما لا يجوز شرعاً أن يبقى آلاف اللبنانيين في “أرض العدو”، ولا يجوز أن “يتطلب العمل الحثيث من أجل عودتهم إلى وطنهم”، كما ورد في الفقرة 6 من “تفاهم مار مخايل” منذ أكثر من 14 سنة، ولا يجوز النقاش في حق العودة الذي كرّسه “الجنرال” و”السيد” في 6 شباط 2006 كما لا يجوز أن ندعهم عرضة للكورونا الذي أصاب أكثر من 3500 انسان في إسرائيل.
وهل يجوز أن يعلن جبران باسيل خطة العودة الآمنة في وقت تحوّل ناصيف حتي إلى مجيب آلي؟
وهل يجوز، في خضم معالجة أزمة الكورونا، أن يتّصل رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي بوزير الإقتصاد راوول نعمة عدة مرات لمعالجة تهرّب بعض شركات التأمين من مسؤولياتها ويكون “خطّو مسكّر”؟ أتقبل بهذا يا سيد؟