
اختلفت زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط “مورغان أورتاغوس” في جولتها الثانية إلى لبنان عن سابقتها. فبعد زيارتها الأولى، التي أثارت ردود فعل واسعة إثر شُكرها الكيان الصهيوني من قصر بعبدا، خرجت هذه المرة دون الإدلاء بأي تصريح بعد لقائها رئيس الجمهورية جوزاف عون، متوجهةً إلى لقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين.
وقد حملت هذه المرة ملف الإصلاحات الذي ناقشته خلال اجتماع رباعي، ضم وزيري المالية ياسين جابر، والاقتصاد عامر البساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
قبل انطلاق الوفد اللبناني الذي سيضم المسؤولين الثلاثة، إلى واشنطن لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، خلال الشهر الحالي.
على الرغم من تجنب “أورتاغوس” التصريح من على منبر قصر بعبدا، إلا أن ما صدر عنها خلال المقابلة التي أجرتها، أوضح أن لقاءها بالرؤساء الثلاث، تصدره الكلام عن نزع سلاح حزب الله، مع التأكيد على أن هذه الخطوة يجب أن تتخذ في أسرع وقتٍ ممكن، بمساعدة عناصر الجيش الأميركي الموجودين في لبنان.
واللافت في حديث الموفدة الأميركية، توجيهها التهديدات المبطنة. فبعد تأكيدها على سيادة لبنان واستقلاليته، عادت لتناقض نفسها، بأن إدارة “دونالد ترامب”، تضع معايير على لبنان يجب الالتزام بها، وإلا فلا شراكة ولا مساعدات من قبل الولايات المتحدة الأميركية للدولة اللبنانية.
ولم تقتصر هذه المعايير على نزع السلاح، بل شملت إنهاء دور حزب الله السياسي، وذلك من خلال ما قالته “أورتاغوس”، عن قرار الإدارة الأميركية بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة اللبنانية، في إطار إقصاءه من الميدان السياسي.
وفي سياق تناقض التأكيد على السيادة اللبنانية، فقد نفت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، رفض الرئيس اللبناني المشاركة في اللجان الثلاث للتفاوض مع “تل أبيب”.
ما يؤكد جر واشنطن للبنان، إلى ما لا توافق عليه الدولة اللبنانية، عبر إحراج الموقف الرسمي اللبناني.
ومع تجنبها الدائم لإدانة اعتداءات جيش الاحتلال، فإن لبنان ينتظر الرد الأميركي على المقترحات التي قدمها الرؤساء، “عون”، “بري”، و”سلام”.
في موقف رسمي موحد، حول وسيلة تحقيق الانسحاب الاسرائيلي من المناطق الجنوبية المحتلة، وتحرير الأسرى اللبنانيين، سواء عن طريق تشكيل لجنة عسكرية تشارك في مفاوضات غير مباشرة برعاية قوات اليونيفيل، او من خلال جولات تقوم بها “أورتاغوس” بين لبنان، وكيان الاحتلال.
وهذا إن دل على شيء، فإنه مغاير تمامًا لما أعلنته الموفدة الأميركية، عن عدم رفض الرئيس عون، لتشكيل اللجان الثلاث التي ستضم فريقًا مدنيًّا لإجراء المفاوضات.
لا تنفصل الزيارة الأخيرة للبنان عن الأحداث المستجدة في المنطقة. كما أن احتمالية ربط الرد الأميركي على المقترح اللبناني، بالمفاوضات بين طهران وواشنطن، مرتفعة جدا، لما تحمله الساحة اللبنانية الداخلية، من تجاذبات تعكس الواقع الإقليمي.
خصوصًا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، عن انطلاق مفاوضات غير مباشرة، في مسار أولي نحو المفاوضات المباشرة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
لذلك، فإن الأنظار تتوجه نحو سلطنة عمان، حيث ستُقام المفاوضات يوم السبت.
ومن الطبيعي أن يتأثر لبنان بالمناخ الإقليمي وما سيحمله من تطورات، ضمن احتمالين: إما التصعيد العسكري، أو التسويات السلمية على طاولة المفاوضات، والتي لا يمكن التنبؤ عن طبيعة تأثيرها وتحولاتها، على لبنان، فلسطين وسوريا.