‏«الرئيس القوي» والمرأة الحديدية

29 سبتمبر 2021
‏«الرئيس القوي» والمرأة الحديدية
معروف الداعوق
معروف الداعوق

«الرئيس القوي» في لبنان، هو ألذي يشل الدولة، ويخرق الدستور، ويعطل عمل المؤسسات، ‏ويبيح المحظورات، ويصادر القضاء، ويسخر كل مقدرات البلد، لمصالحه الخاصة على حساب ‏المصلحة اللبنانية كلها. وهو الرئيس الذي خرب الاقتصاد وافقر الشعب ودمر النظام المصرفي، ‏وهجر الأطباء الى الخارج، وحرم اللبنانيين من الدواء والمحروقات، و التيار الكهربائي وعمم ‏على ربوع البلد العتمة والظلامية.‏

مواصفات القوة للرئيس في لبنان، هي تجسيد، لسوء الاداء، والفشل والخراب الذي الحقه ‏بمواطنيه وبلده، واخرج البلد من حال الازدهار والحقه بمصاف الدول المتخلفة وأعاد اللبنانيين، ‏عشرات السنين الى الوراء.هو الرئيس الذي يعيش على اوهام الوعود البراقة، والشعارات ‏الفارغة، لم يترك في دفاتر أوراقه المحروقة، في بداياته السلطوية، سوى صفحات سوداء، ‏سيختتم فيها مسيرته المنطوية، في شهورها الاخيرة، بمجلدات كارثية، تختزلها، الحالة الجهنمية ‏التي بشرّ بها مواطنيه واصاب فيها بالتمام والكمال.‏

‏«الرئيس القوي»، هو الذي قطع أوصال لبنان مع محيطه ودق اسافين الفرقة مع الاصدقاء، ‏وساوم على القرار الوطني والسيادي لصالح محورالممانعة، ورهن مستقبل البلد لصالح المشروع ‏الايراني،، وسخّر مؤسسات الدولة ومقدراتها، لتولي السلطة، على حساب مصالح الشعب اللبناني ‏كله.

وهو الذي، لايشعر مع معاناة ناسه، ولا عوزهم وتعاستهم، وهمه الوحيد، التشبث بالسلطة، ‏او توريثها لولي عهده السياسي، حتى ولو تطلب الامر، التضحية بآخر لبناني.‏

وللمفارقة، في المانيا، تتنحى هذه الأيام المستشارة انجيلا ميركل عن صهوة المستشارية، بملىء ‏ارادتها، بعد ان قادت بلادها لسنوات طويلة وحققت سلسلة نجاحات وانجازات.

اطلقت الصحافة ‏المحلية والعالمية، لقب المرأة الحديدية، على المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركل، لتمرسها، بقيادة ‏بلدها، نحو التطور والمنافسة، وحرصها على تحسين عيش مواطنيها، في ظل الازمات الدولية ‏الصعبة والمعقدة، وليس للمباهاة والتفخيم المزيف.‏

لم تسع ميركل للتمديد او التمسك بالسلطة، او تخالف الدستور للبقاء في السلطة، بعد ستة عشر ‏عام من توليها المسؤولية.

وللمفارقة، تكمن مكامن القوة لدى المرأةالحديدية، بالبصمات المميزة ‏بادارة السلطة، واستمرار تصدر بلادها لاقوى الاقتصادات بالعالم.‏

تركت ميركل السلطة برغم إنجازاتها الكثيرة، بعد ان وجدت ان بريقها في موقع المستشارية، قد ‏خفت وهجه عن السابق، وحان الوقت، لكي تترجل، و تفسح بالمجال، لمن يقود المانيا، للمرحلة ‏المقبلة، بعقلية شابة جديدية، تواكب المتغيرات السياسية والتحالفات المستجدة، باساليب وافكار ‏مختلفة

يفخر الالمان، بما تركته المستشارة المتقاعدة من إرث غني لبلادها، طوال توليها مسؤولية ‏المستشارية، برغم الازمات والمشاكل السياسية والمالية العالمية، التي ضغطت على المانيا، ولم ‏تتوان عن تحمل مسؤولياتها، والخروج من هذه الازمات، اقوى من السابق.‏

اطلقت عليها الصحافة الالمانية والعالمية، اكثر من تسمية، تجسد قوة شخصيتها، ان كان في ‏تزعم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لسنوات، قبل تربعها على عرش المستشارية، لاكثر ‏من عقد ونصف على التوالي، وتصدر تسميتها بالمرأة الحديدية، على باقي التسميات الاخرى.‏

يتباهى الالمان بقوةالمستشارة، وما تركته لبلادها من الانجازات على كل  الصعد، واخر ‏ابتكاراتهم بتكريم انجيلا ميركل، وتخليد ذكراها، صك ميداليات ذهبية تحمل صورتها، تقديرا ‏منهم لما قامت به تجاه بلادهم، من انجازات، تبقى موضع فخر واعتزاز على مر الزمان، ‏وتصنّف في خانة العظماء، وهي مازالت على الحياة.‏

وللمفارقة، نحن في لبنان ناسف لحالنا واوضاعنا، مقارنة بين ماتركته انجيلا ميركل لبلادها ‏والشعب الألماني، و بين مايتركه «الرئيس القوي» من خراب ودمار وانهيار في كل مقومات ‏البلد والدولة معا، وحال الشعب اللبناني المأساوية على كل المستويات وهمّه الوحيد توريث ‏الرئاسة، لولي عهده.

فما تركته المرأة الحديدية للشعب الألماني من انجازات، تباهي فيها دول ‏العالم، وهي تستحق لقب المرأة الحديدية، بجدارة، وليس تصنعا، او مجاملة، على عكس ما يطلق ‏تملقاً، على رئيس الجمهورية في بلدنا.‏

المصدر اللواء