لا أسوأ من المحقق العدلي القاضي طارق بيطار إلا ثنائية “التيار الوطني الحر” والقوات اللبنانية.
ففي حين يمعن بيطار في تعنّته ومخالفاته للقوانين والدستور، يزيد الثنائي المسيحي الوضع تأزماً بشعبوية، ظاهرها دعم بيطار وباطنها التماهي مع الطبقة السياسية.
من ناحية بيطار، فقد حدد يوم الجمعة الواقع في ٢٩ تشرين الأول موعداً لجلستي استجواب النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر… خطوة بيطار هذه، قالت مصادر هيئة مكتب مجلس النواب لموقع “لبنان الكبير” إنها مخالفة للدستور مع بدء انعقاد الدورة العادية، وخصوصاً أن المادة أربعين من الدستور واضحة من ناحية أنه لا يجوز في أثناء دور الانعقاد اتخاذ إجراءات جزائية بحق أي عضو من أعضاء المجلس أو القاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود).
أما بيطار فقد استند إلى المادة 97 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على انه في حال لوحق النائب خارج دورة انعقاد المجلس فإن ملاحقته تستمر في دورات الانعقاد اللاحقة.
وعن هذا التباين والتناقض النصي، لا شيء يعلو فوق الدستور لأنه أعلى رتبة ويتعلق بانتظام البلد والمؤسسات جميعها، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن بيطار يستمر في تشليعه للدستور والمضي في ملف تحقيقات انفجار المرفأ تنفيذاً لأجندات خارجية وأحلام شخصية بتغيير الطبقة السياسية.
بيطار يأخذ البلد نحو المجهول، غير مكترث بثمانية شهداء سقطوا في تظاهرة خرجوا فيها للتنديد بأحكامه الجائرة.
وبدل الاحتكام إلى العقل والقانون والدستور، يأخذ بيطار ملف التحقيقات بالكباش والكيدية والاستقواء، فهل بهذا الأسلوب ينتقم من السياسيين ويغير الطبقة السياسية؟
منذ كان يمارس السلطة، لم يحصل الوزير السابق علي حسن خليل على التأييد والدعم كما هو حاصل عليهما اليوم.
فقرارات بيطار الجائرة واستهداف خطه السياسي متّنا التفاف حركة أمل وحزب الله والبيئة الشيعية من حوله.
والأمر نفسه ينطبق على الوزير السابق غازي زعيتر، حيث دعمته بيئته السياسية وعشيرته وسائر العشائر.
فإذا كان قصد بيطار التخلص من الطبقة السياسية فهو يُخطئ التصرف، لأن الحلقة الأضعف فقط مقتصرة على الرئيس السابق حسان دياب والوزير السابق يوسف فنيانوس اللذين لن يترشحا في الانتخابات النيابية.
ويتردد أن المشنوق سيتخلى عن مقعده النيابي لمصلحة نجله صالح المشنوق، وأن ما رأيناه من انتفاضة الابن على أبيه ما هي الا تبادل أدوار ركوباً لموجة التحقيقات والرأي العام.
زاد “الخميس الاسود” الطائفة الشيعية تمسكاً بإقالة بيطار ودعم وزيريها، وما حضور علي حسن خليل جلسة مجلس النواب ومداخلاته أمام الكتل النيابية، على الرغم من إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، الا رسالة الى بيطار وكل داعميه بأن الرئيس نبيه بري لا يُقهر ولا يُستهدف.
لكن المشهد الغريب الذي يكرس شعبوية الثنائي المسيحي، هو أن أحداً من نواب كتلتي التيار الوطني الحر والقوات الداعمين لبيطار في العلن، لم يعترضا على حضور خليل الجلسة، وهذا دليل على أن كل الطبقة السياسية من دون استثناء تختلف مع بيطار، ولكن استحقاق الانتخابات يُخرج من المكنونات كل الشعبوية والأكاذيب والطائفية الى درجة استغلال دماء اكثر من مئتي شهيد.. فليس هناك جريء أكثر من الثنائي الشيعي، الذي واجه بيطار علناً وحاربه بالقانون والدستور.
وليس من واقعي أكثر من الرئيس سعد الحريري الذي استبق خطورة المشهد الدموي وطالب إما بتحقيق دولي أو برفع الحصانات عن الجميع تحقيقاً للعدالة الكاملة من دون انتقائية ولا استنسابية.
وانضم مؤخرا الى الواقعية السياسية بما يخص تحقيقات المرفأ، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عندما تنازل عن مواقفه المسبقة بخصوص بيطار ودعمه المطلق له، وبدأ يتكلم بلغة العدالة الكاملة التي تبدأ من أكبر رئيس الى أصغر موظف… فهل يتعقل الثنائي المسيحي الشعبوي قبل سفك المزيد من دماء الأبرياء؟!