منذ رفض المجلس الدستوري الطعن الذي تقدم به “التيار الوطني الحر” في قانون الانتخابات لناحية احتساب نصاب الحضور في الجلسة التشريعية التي أقرت القانون، الذي نص على تقريب موعد الانتخابات وعدم اعتماد الدائرة 16 المخصصة للمغتربين والتي تمكنهم من اختيار ستة نواب يمثلونهم حسب القارات التي يقيمون فيها واستعادت الجالية اللبنانية في العالم حقها في الاقتراع لانتخاب 128 نائباً على غرار المقيمين، يبدو أن رئيس التيار جبران باسيل لم “يهضم” بعد فكرة اقتراع المنتشرين لـ 128 نائباً، لأن كل الدراسات والاحصاءات تشير الى أن أصوات المغتربين لن تصب في مصلحة “التيار البرتقالي”، لا بل ستقلب المقاييس الانتخابية التي هي أصلاً لا تسير وفق ما تشتهيه رياح رغبته في عدم تقليص كتلته النيابية.
وفي هذا السياق، يجري الحديث حالياً عن مخرج قانوني لارجاء الاستحقاق الدستوري من أيار الى أجل غير معروف أو ربما لتطييره، يتمثل بإعادة طرح مسألة الدائرة 16 في أول جلسة للمجلس النيابي من خلال اقتراح قانون معجل مكرر يقدمه تكتل “لبنان القوي” بهدف الغاء المادة التي علّقت العمل بهذه الدائرة.
وأكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “أحداً لم يتقدم باقتراح مشروع قانون لتعديل قانون الانتخابات الى اليوم، وما يتم تداوله كلام بكلام، ولا يمكننا البناء على فرضيات مستقبلية، لكن هذا لا يمنع أن تقدم أي كتلة نيابية اقتراح قانون للتعديل مع أنني لم أسمع كلاماً عن اعادة طرح الدائرة 16 في المجلس، ولا وجود لاقتراح قانون بهذا الشأن في الأمانة العامة حتى الآن، لافتاً الى أن الوقت أصبح داهماً ولم يعد يسمح بتعديلات، وعلينا جميعاً التوجه الى اجراء الانتخابات في موعدها”.
وعن المعلومات التي تتحدث عن توجه لتمديد ولاية المجلس وصولاً الى الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن سلة تسويات، شدد خواجة على أن ” المجلس الحالي لن يمدد لنفسه حتى ولو لساعة واحدة، ولن نقبل بالتمديد تحت أي ذريعة ونقطة على السطر، والى الانتخابات در”.
أضاف: “الانتخابات في 15 أيار ولا أحد يجرؤ على التأجيل. هذا الموضوع يضع البلد برمته في مهب الريح خصوصاً أن وضعنا صعب ولا يجوز أن نزيد الطين بلة. هذا عدا عن أنه استحقاق دستوري ووقته حُدد ولم يعد هناك مجال لتعديل التوقيت الذي كنا نريده في 27 آذار”. وأشار الى أن “الرئيس نبيه بري سيحدد جلسة عامة لمجلس النواب في وقت ليس ببعيد حين يصبح هناك عدد من القوانين خصوصاً عندما يُنجز قانون المنافسة نظراً الى أهميته”.
وعلى ضفة المعنيين مباشرة بالدائرة 16، قال مصدر متابع لتنظيم الانتخابات في الخارج لـ “لبنان الكبير”: “ما يجري الحديث عنه نأخذه على محمل الجد لأن السلطة تتمتع بقدرة وحنكة في ايجاد المخارج المفصلة على قياسها، وهي اليوم خائفة من أصوات المغتربين الذين سيصوّتون في غالبيتهم ضد المنظومة، لكن نحن نعدهم أننا لن نسكت، ولن نبقى مكتوفي الايدي في حال اعتمدوا الدائرة 16 وسنتواصل مع المسؤولين في بلدان الانتشار ونخبرهم عما يجري في موضوع الانتخابات النيابية من تهميش لأصواتنا وجعلها أقل تأثيراً في النتائج”.
وشدّد المصدر على أن “المنتشرين تشجعوا على التسجيل على أساس انتخاب 128 نائباً لأنه بذلك يكون لأصواتهم ثقلها في عملية تغيير المنظومة، ونحن على ثقة بأن هذه الأصوات ستقلب الموازين في الكثير من الدوائر، لكن مع اعتماد الدائرة 16 ستخف الحماسة كثيراً، وسيشعر المنتشرون بخيبة أمل كبيرة. على أي حال، نحن ننتظر ما ستؤول اليه الأمور لندرس خياراتنا التي ربما تصل الى مقاطعة الانتخابات”.
أما من الناحية القانونية، وبعد أن صدر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتحديد تواريخ فتح باب الترشح وإقفاله، ومواعيد الاقتراع في الداخل والخارج، فما هو الرأي القانوني في هذا الموضوع؟ وهل المهل القانونية الفاصلة عن موعد الانتخابات تسمح بإعادة إصدار مراسيم تنظيمية جديدة؟
رئيس مركز “ليبرتي للدراسات القانونية والدستورية” محمد زكور قال لـ “لبنان الكبير”: “على مسافة ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات النيابية، يفاجئنا السياسيون مرة أخرى بهرطقة دستورية جديدة تتمثل بمشروع قانون معجل مكرر يقترح فيه نواب تكتل لبنان القوي إضافة الدائرة 16 الى قانون الانتخاب. والسؤال المطروح في هذا الاطار: ألم يطعن نواب الكتلة بهذا القانون أمام المجلس الدستوري طالبين تعديل هذه المادة؟ ألم يُجب المجلس الدستوري بأن لا قرار لديه في هذا الموضوع؟، مما يعني أنهم سلكوا الطرق الدستورية المعمول بها لكنهم يحاولون الالتفاف مجدداً على القانون النافذ”.
واعتبر أنه في حال صحّ ما يتسرب عن تمرير مشروع القانون هذا “فاننا نجد فيه تعدياً صارخاً وواضحاً على عملية اجراء الانتخابات برمتها، والتي لدى معظم القوى السياسية بمن فيهم وعلى رأسهم التيار الوطني الحر مصلحة في تطييرها. كما أن أمراً كهذا سيؤثر في المهل القانونية المتعلقة بقانون الانتخاب، مشيراً الى أنه لا وجود لأي ارتباط بين المجلس الدستوري الذي ينظر في دستورية القوانين وبين القوانين الصادرة عن المجلس النيابي”. ووصف المسألة بأنها “التفاف على قرار المجلس الدستوري”.