في أيام قليلة عشنا وقرأنا وسمعنا الكثير من “النهفات” اللبنانية الضاربة في عمق واقعنا المبكي المبكي.
بدأنا بـ”فائض القوة” الشيعي إذ تبدى باحتكار المراتب الأولى في “دوري الشهادات الثانوية”.
وارتقع نداء “يا علي” بمعناه الشيعي المحض لا الجنوبي الذي يردد صدى الفقر والنضال، صدى المظلومية الاجتماعية في كيان دأب طويلاً على نبذ أهل الهوامش “حفاة المدن” لاحقاً قبل أن تضرب موجة “التشيع الصفوي” الأقلوي ويطل “الهلال الشيعي” على منطقة صارت منكوبة بالسياسة مع مفعول عكسي تاريخي.
من “دوري الشهادات” الى “الدوري الآسيوي”. المنتخب اللبناني من فوز الى فوز. وشيئاً فشيئاً يبرز البارز أصلاً وائل عرقجي في الملعب، ثم يسجل “ثري بوينتس” حاسمة في سلة قائد “المنتخب الحكومي” سيء الصيت. صار عرقجي قائداً شعبياً مرتجى.
لم يحل “منتخب عرقجي” أولاً ولم يرفع الكأس، لكنه رفع رؤوس ومعنويات لبنانيين كثر. والمرتبة الثانية في قارة، بعد مواجهة بلد هو قارة في ذاتها، إنجاز كبير بل وعظيم، لا يُذكر أمامه إنجاز الشهادات.
عرقجي لحسن الحظ سني، ما يركلج “ميزان البخار المذهبي” في البلد. ولو إن علي حيدر كان حاضراً بقوة في مفاصل حاسمة في المواجهات، لكن عرقجي هو “أحسن لاعب في آسيا”.
أكثر من ذلك، وبعد الظن بمارونية مدرب المنتخب، جاد الحاج، ثبت للجميع أنه سني أيضاً.
كبرت الفرحة في بلد مشروخ مكسور، بدأ العد العكسي لأسوأ عهد شهده في تاريخه تحت حكم جنرال خسر كل معاركه وأراد الانتقام من “أهل الطائف” قاضياً على كل اللطائف التي كانت موجودة في هذا البلد.
صار البعض يحكي عن تحلل في عقدة “الإحباط السني” بالتزامن مع “فائض القوة الشيعي” و”الصرع العوني الماروني”.
من “دوري الشهادات” الى “الدوري الآسيوي” الى “دوري الجمال”. يربح السني مجدداً، وتاج الجمال يبعد كثيراً عن “الرأس اللبناني التقليدي”.
يخف أكثر “الإحباط السني”. “فائض القوة الشيعي” على حاله. الماروني يدرك أكثر أن “مجد لبنان” ما عاد له. لا بل ان بكركي، التي كانت تمنح صكوك الوطنية اللبنانية، صارت ملاحقة بتهمة العمالة.
زمن والله. التفوق والبراعة والجمال، وبالتأكيد السياسة، ما عادت من علامات الوجه الماروني لـ “لبنان الكبير”.