
من بيروت إلى أقاصي الشمال والجنوب والبقاع، لا تزال كلمة “السُّنة” ترنّ في أذن الدولة العميقة كجرس إنذار دائم.
ورغم كل محاولات التهميش والتجاوز، يخرج المفتي عبد اللطيف دريان بكلمة واحدة تكفي لخلط أوراق الطاولة: “السُّنة ليسوا خارج المعادلة، ولا يُسمَح لأحد بتجاهلهم.”
خطاب دريان الأخير لم يكن دعوة هادئة، بل صرخة وعي: كفى عبثاً.
كفى اختزالاً لدور السُّنة إلى منصب “يُختار عليه السلام”، أو إلى زعامة مفبركة تُدار بالريموت الإقليمي. الطائفة السنية، التي وقفت في لحظات مصيرية لتمنع سقوط الكيان، لن تقبل أن تكون “ديكوراً” في جمهوريتكم المعطوبة!
من دار الفتوى، ومن موقعه كمرجعية دينية ووطنية، أطلق المفتي ما يشبه “التذكير الأخير”: لا جمهورية تُبنى على تغييب أحد، فكيف إذا كان الغائب هو مكوّناً أساسياً في صيغة لبنان ومفتاحاً لاتزانه الداخلي؟!
من أراد أن ينسى أن رئاسة الحكومة ليست تفصيلاً، وأن دار الفتوى ليست دار صلاة فقط، بل موقع قرار وطني، فعليه أن يعيد قراءة التاريخ، لا سيما حقبة ما بعد الطائف، حين شكّلت الطائفة السنية عمود الخيمة، لا طرفها.
رسالة المفتي واضحة:
”السُّنة ليسوا عبئاً… بل ضمانة.
وليسوا تفصيلاً… بل ركيزة.
فليسمعها من يجب أن يسمع.
وليفهمها من يتوهم أن السُّنة يمكن أن يُختصروا بصورة أو توقيع أو منصب.
افهموها جيدًا…